أولهما : اتحادهما فى الزمن (٧) ؛ بأن يكون زمنهما معا ماضيا ، أو حالا ، أو مستقبلا ؛ سواء أكانا متحدين فى النوع (أى : ماضيين ، أو : مضارعين (٨)) أم مختلفين ؛ فلا يمنع من عطف أحدهما على الآخر تخالفهما فى النوع (٩). إذا اتّحدا زمانا. فمثال اتحادها زمانا ونوعا ، قوله تعالى : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ...)(١٠). وقول الشاعر فى مدح عالم :
سعى وجرى (١١) للعلم شوطا يروقه |
|
فأدرك حظّا لم ينله أوائله |
ومثال اتحادهما زمانا مع اختلافهما نوعا : عطف الماضى على المضارع فى قوله تعالى بشأن فرعون : (يَقْدُمُ (١٢) قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) ، فالفعل : «أورد» ماض ، معطوف بالفاء على الفعل المضارع : «يقدم» وهما مختلفان نوعا ، لكنهما متحدان زمانا ؛ لأن مدلولهما لا يتحقق إلا فى المستقبل (يوم القيامة) (١٣) ...
ومثال عطف المضارع على الماضى قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ
__________________
(١) كما سبق فى الجزء الأول عند الكلام على زمن المضارع ـ أما اختلافهما فى الزمن فقد يجعل العطف عطف جملة على جملة ، بشرط الاتحاد خبرا وإنشاء ، كما سيجىء فى عطف الجملة الفعلية ص ٦٣٠.
(٢) أما فعل الأمر بدون فاعله فلا يكون معطوفا ، ولا معطوفا عليه ؛ لأنه لا يفارق فاعله ، ولا ينفصل أحدهما عن الآخر ، لا لفظا ولا تقديرا ؛ كأفعال الأمر التى فاعلها ضمير ظاهر أو مستتر فى الآية الكريمة الآتية ، وهى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا.) (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ. رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ ، وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) ـ كما سيجىء الإشارة فى رقم ١ من هامش ص ٦٤٩ ـ ويفهم من كلام «الصبان» جواز عطف فعل الأمر وحده ، وهذا بعيد. والرأى الأول هو السديد.
(٣) راجع ما يتصل بهذه المسألة الهامة فى ج ١ ص ٣٩ م ٤.
(٤) انظر الزيادة ص ٦٤٥ كى يتضح منها أن العطف هنا عطف فعل وحده على فعل وحده ، لا جملة فعلية على جملة فعلية.
(٥) يصلح العطف هنا أن يكون عطف فعل ماض وحده على نظيره ، وأن يكون عطف جملة ماضوية على نظيرتها (انظر البيان فى ص ٦٤٥).
(٦) يتقدم.
(٧) ومثل هذا قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ...)