فى قوله تعالى : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)، وقد اجتمع الفصل بالتوكيد اللفظى وبحرف النفى «لا» فى قوله تعالى : (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ ...)،
ومن غير المستحسن فى النثر ـ مع جوازه ـ العطف على الضمير المستتر المرفوع بغير فاصل على الوجه السالف ، نحو : (قاوم ونظراؤك أعوان السوء) ، فقد عطفت كلمة : «نظراء» على الفاعل الضمير المستتر : (أنت) بغير فاصل ؛ ومنه العبارة المأثورة (١) : «مررت برجل سواء والعدم». أى : متساو هو والعدم ، فكلمة ، «سواء» اسم بمعنى المشتق ، وهى متحملة للضمير المرفوع. والعدم (بالرفع) معطوفة على الضمير المستتر بغير فاصل بينهما (٢). أما الشعر فقد يجوز فيه عدم الفصل ، اضطرارا ؛ مراعاة لقيوده الكثيرة التى قد تقهر الشاعر على ترك الفصل .. ومن الأمثلة قول جرير يهجو الأخطل :
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه |
|
ما لم يكن وأب له لينالا |
فقد عطف كلمة «أب» على اسم «يكن» المرفوع المستتر بغير فاصل بينهما (٣).
ومثله قول الآخر :
مضى وبنوه ، وانفردت بمدحهم |
|
وألف إذا ما جمّعت واحد فرد |
فقد عطف كلمة : «بنوه» على الضمير المرفوع المستتر فى : «مضى» بغير فاصل.
__________________
(١) وقد رواها سيبويه.
(٢) وهى مما استشهد به سيبويه على صحة ترك الفصل فى النثر.
(٣) وفيما سبق من العطف على الضمير المرفوع المتصل مع الفصل بين المتعاطفين يقول ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متّصل |
|
عطفت فافصل بالضّمير المنفصل |
أو فاصل مّا. وبلا فصل يرد |
|
فى النّظم فاشيا. وضعفه اعتقد |
وملخص البيتين : افصل بالضمير المنفصل بين المتعاطفين إذا كان المعطوف عليه ضميرا مرفوعا متصلا. ولا يتعين أن يكون الفصل بالضمير وإنما يكفى الضمير أو غيره. ثم بين أن عدم الفصل فاش (أى : كثير) فى الشعر ، وأنه مع كثرته ضعيف لا يقاس عليه.
لكن كيف يكون كثيرا وفاشيا والقياس عليه ضعيف؟ إن الكثرة تعارض الضعف ؛ ولذا كان القياس هنا سائغا فى الشعر بغير ضعف ، خلافا لابن مالك.