وأما الحالتان اللتان يستحسن فيهما الفصل ويرجح (١).
فالأولى : أن يكون المعطوف عليه ضميرا مرفوعا متصلا ، سواء أكان مستترا أم بارزا ؛ فيستحسن عند العطف عليه فصله بالتوكيد (٢) اللفظى أو المعنوىّ أو بغيرهما أحيانا. فالفصل بالتوكيد اللفظى يتحقق بضمير مرفوع منفصل مناسب (٣) نحو : (لقد كنت أنت ورفاقك طلائع الإصلاح ، وكنتم أنتم والسباقون إليه موضع الإعجاب والتقدير). فكلمة : «رفاق» معطوفة على : «التاء» وهى الضمير المتصل المرفوع البارز بعد توكيد لفظه بالضمير المرفوع المنفصل : «أنت». وكذلك كلمة : «السباقون» معطوفة على الضمير البارز (التاء والميم) ، فى «كنتم» بعد توكيده توكيدا لفظيّا بالضمير المرفوع المنفصل : «أنتم».
ومثال العطف على الضمير المتصل المرفوع المستتر مع الفصل : انتفع أنت وإخوانك (٤) بتجارب السابقين.
والفصل بالتوكيد المعنوى يتحقق بوجود لفظ من ألفاظه بين المتعاطفين ؛ ومن الأمثلة قول الشاعر :
ذعرتم أجمعون ومن يليكم |
|
برؤيتنا ، وكنا الظافرينا |
ويغنى عن التوكيد بنوعيه ـ كما أسلفنا ـ وجود فاصل آخر أىّ فاصل بين المتعاطفين ؛ كالضمير «ها» فى قوله تعالى فى المؤمنين الصالحين : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ ...) ومثل «لا» النافية
__________________
(١) عند البصريين. أما الكوفيون. فلا يتمسكون بالفصل ولا يرون فى خلوّ الكلام منه عينا ولا ضعفا.
(٢) راجع حاشية التصريح ج ٣ باب : العطف ، عند الكلام على عود الخافض ...
(٣) لا فرق فى هذا بين أن يكون المعطوف اسما ظاهرا أو ضميرا.
(٤) كلمة : «إخوان» ، معطوفة على الفاعل المستتر وتقديره : «أنت». أما كلمة «أنت» ضمير المخاطب المذكورة فتوكيد لفظى للفاعل المستتر ؛ ولا يصح إعرابها فاعلا : لأن فعل الأمر للواحد لا يرفع ضميرا بارزا. ولا يصح إعرابها بدلا من الفاعل المستتر : لأن الضمير لا يبدل من الضمير ـ كما فى ب من ص ٦٨٣ ـ
وهناك إعراب آخر يفضله النحاة على هذا ، وقد سبق فى ص ٥٦٤ حيث البيان والإيضاح ، ويجى أيضا فى ص ٦٣٨.