والثانية : أن يكون المعطوف عليه ضميرا مجرورا بحرف أو بإضافة ؛ فيستحسن عند أمن اللبس إعادة عامل الجر مع المعطوف ، ليفصل بين المتعاطفين ، فمثال المعطوف المجرور بحرف جر (١) معاد : ما عليك وعلى أضرابك من سبيل إن أديتم الواجب. فكلمة : «أضراب» معطوفة على الضمير الكاف المجرور بالحرف : «على». وقد أعيد هذا الحرف مع المعطوف. والأصل ما عليك وأضرابك ، ومثل هذا قوله تعالى عن نفسه : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ (٢) ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً : قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ).
فكلمة : «الأرض» معطوفة على الضمير : «ها» المجرور باللام ، وقد أعيدت اللام مع المعطوف : والأصل : فقال لها والأرض. ومثله إعادة اللام فى قول الشاعر :
فما لى وللأيام ـ لا درّ درّها ـ |
|
تشرّق بى طورا ، وطورا (٣) تغرّب |
ومثال إعادة عامل الجر وهو اسم مضاف (٤) قوله تعالى : (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ ...) فكلمة : «آباء» معطوفة فى الأصل على الضمير المضاف إليه ، وهو : «الكاف الأولى» ، فأعيد المضاف وهو : «إله» وذكر قبل المعطوف. وأصل الكلام : نعبد إلهك وآبائك ...
هذا هو الكثير. وترك الفصل جائز أيضا ، ولكنه لا يبلغ فى قوته وحسنه البلاغىّ درجة الكثير. ومن هذا قراءة قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ.) والتقدير : الذى تساءلون به وبالأرحام. أى : تستعطفون به وباسمه ، وبالأرحام ؛ بعطف كلمة : «الأرحام» على الضّمير المجرور بالباء. وكقول الشاعر :
__________________
(١ و١) الرأى المختار أنه إذا أعيد عامل الجر فالمعطوف هو الجار والمجرور معا ، وليس المجرور على المجرور ، لئلا يلزم إلغاء عامل ، أى : تركه زائدا مهملا ، لا أثر له إلا مجرد الفصل. ومن الأمثلة ـ أيضا ـ لإعادة الجار فى المعطوف ، اللام فى قوله تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ ، وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.)
(٢) سبق هذا البيت للمناسبة السالفة فى ج ٢ م ٨٠ ص ٢٤٦.
(٣) إنما يعاد العامل الاسمى (وهو المضاف) بشرط ألا توقع إعادته فى لبس ، فإن أوقعت فى لبس لم يجز إعادته ، نحو : جاءتنى سيارتك وسيارة محمود ، وأنت تريد سيارة واحدة مشتركة بينهما. وهذا المنع إذا لم توجد قرينة تزيل اللبس.