والمراد من «الاشتراك المطلق والجمع المطلق» أنها لا تدل على أكثر من التشريك فى المعنى العام ؛ فلا تفيد الدلالة على ترتيب زمنى بين المتعاطفين (١) وقت وقوع المعنى ، ولا على مصاحبة ، ولا على تعقيب (٢) ، أو مهلة ، ولا على خسّة ، أو شرف (٣) ...
وهى إنما تتجرد للاشتراك المطلق حيث لا توجد قرينة تدل على غيره ، وحيث لا تقع بعدها «إمّا» الثانية. فإن وجدت قرينة وجب الأخذ بما تقتضيه ، وإن وقعت بعدها «إمّا» الثانية كانت الواو لمعنى آخر غير التشريك والجمع ـ وسيجىء التفصيل (٤) ـ.
ففى مثل : وصل القطار والسيارة ـ تفيد الواو مجرد اشتراك المعطوف (وهو : السيارة) مع المعطوف عليه ؛ (وهو : القطار) فى المعنى المراد ، وهو : «الوصول» من غير أن تزيد على هذا شيئا آخر ؛ فلا تدل على : «ترتيب» زمنىّ بينهما يفيد أن أحدهما سابق فى وقته ، وأن الآخر لاحق به ، ولا على : «مصاحبة» تفيد اشتراكهما فى الزمن الذى وقع فيه اشتراكهما فى المعنى (٥) ، ولا على «تعقيب» يدل على أن المعنى تحقّق فى المعطوف بعد تحققه فى المعطوف عليه مباشرة ، من غير انقضاء وقت طويل بينهما ، ولا على : «مهلة» تدل على أن تحققه كان بعد سعة من الوقت ، وفسحة فيه (٦) ...
__________________
(١ و١) الترتيب الزمنى : تقدّم أحدهما على الآخر وقت وقوع المعنى. والمصاحبة : تقتضى اشتراكهما فى المعنى فى وقت واحد. (أى : انطباق المعنى عليهما معا فى زمن واحد). والتعقيب : وقوع المعنى على المعطوف بعد وقوعه على المعطوف عليه مباشرة ، (أى بغير مهلة ، ولا انقضاء وقت طويل عرفا) ...
(٢) فالمتأخر ـ وهو المعطوف ـ قد يكون أشرف أحيانا من المتقدم (وهو المعطوف عليه) كقوله تعالى : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ).
(٣) فى ص ٦١٢.
(٤) أى : أنها لا تفيد اشتراكهما فى الزمن والمعنى معا ، وإنما تقتصر على الاشتراك فى المعنى وحده.
(٥) ومن الأمثلة أيضا قول الشاعر :
زاد الوشاة ، ولا والله ما تركوا |
|
قولا ، وفعلا ، وبأساء ، وتهجينا |
فلم نزد نحن فى سرّ وفى علن |
|
على مقالتنا : «الله يكفينا» ـ |