أوجه التشابه والتخالف بين عطف البيان (١) والتوابع الأخرى :
من التعريف السابق يتبين أن عطف البيان يشبه بعض أنواع النعت الحقيقى فى إيضاح المتبوع أو تخصيصه ، على الوجه المشروح فى باب النعت (وقد يشبهه فى القطع) ـ كما أسلفنا ـ والفارق بينهما أن النعت الحقيقى لا بد من اشتماله على ضمير مستتر يعود على المنعوت ، وأن الغالب على النعت الحقيقى : «الاشتقاق» وأنه لا يوضح ولا يخصص الذات الأصلية لمنعوته بلفظ يدل عليها مباشرة ، وتكون هى المرادة منه ، وإنما يوضح منعوته بصفة عرضية وأمر طارئ على الذات ، كالفهم ، والحسن ، والطول ، والقصر ...
أما عطف البيان فإنه يوضح أو يخصص الذات نفسها ، لا بأمر عرضى طارئ عليها (٢) : وإنما بلفظ يدل عليها مباشرة وهو عين معناها ، فهو بمنزلة التفسير للأول باسم آخر مرادف له يكون أشهر منه فى العرف والاستعمال من غير أن يتضمن حالة من الحالات العرضية التى تطرأ على الذات وتوصف بها. ولهذا يغلب أن يكون عطف البيان جامدا ـ أى : غير مشتق ـ فيكون كالعلم المجرد ، والكنية. فلا ضمير فيه ؛ لأن الغالب عليه الجمود ـ كما سبق ـ ومن الجائز ألا يتحقق فيهما هذا الفارق الأغلبى إذ يصح ـ بقلة ـ وقوع النعت جامدا مؤولا بالمشتق ، ووقوع عطف البيان مشتقّا ، ولكن الأولى مراعاة الأغلب الأفصح.
كما يتبين أن عطف البيان قد يشابه التوكيد اللفظىّ بالمرادف فى بعض الصور مثل : (تبر ذهب) فى أن كلا منهما كمتبوعه فى معناه ، دون لفظه. إلّا أن الغرض من عطف البيان هو : الإيضاح أو التخصيص (٣). أما الغرض من التوكيد اللفظىّ ـ بتكرار اللفظ أو مرادفه ـ فأمر آخر ، أوضحناه فى بابه (٤) ، وعلى
__________________
(١) إذا كان المتبوع كنية لوحظ فى عطف البيان ما سبقت الإشارة إليه فى «ا» من ص ٤٢٩.
(٢) سبقت الإشارة الموضحة لهذا فى النعت فى رقم ٢ من هامش ص ٤٣٨ ـ.
(٣) بمعناهما السالف فى رقم ٥ من هامش الصفحة الماضية ، والذى سيجىء أيضا فى رقم ٢ من هامش ص ٥٤٤ (وراجع ص ٧١ ج ٣ من شرح المفصل).
(٤) ص ٥٢٥ ، وبينهما فروق أخرى ستجىء فى ص ٥٥٠ منها أن عطف البيان لا يكون فعلا ولا جملة ... وغير هذين مما سنذكره ...