جامدة ، وقد خصّصت النكرة التى قبلها بعض التخصيص ، وحددت شيوعها وإبهامها بعض التحديد. وهى فى الوقت نفسه بمعناها ، دون لفظها ؛ فالمراد منهما ذات واحدة.
وكل واحدة من هذه الثلاث ، ومن الأربعة التى سبقتها فى المثال الأول ـ ونظائرها ـ تسمى : عطف بيان ، ويقولون فى تعريفه :
إنه تابع (١) جامد ـ غالبا ـ يخالف متبوعه (٢) فى لفظه (٣) ، ويوافقه فى معناه المراد منه الذات (٤) ، مع توضيح الذات إن كان المتبوع معرفة ، وتخصيصها (٥) إن كان نكرة(٦) ...
* * *
__________________
(١) ولا بد فى هذا التابع : (عطف البيان) أن يكون اسما ظاهرا ؛ ـ كما يأتى فى رقم ٢ ، وطبقا للبيان الآتى فى ص ٥٥٠. وقد سبق شرح معنى «التابع» وبيان أحكامه العامة وترتيبه مع نظرائه ... أول باب النعت ، (ص ٤٣٤). ومن أحكامه المدونة هناك جواز الفصل بين التابع والمتبوع بشىء مما أوردناه مفصلا ، بشرط ـ ألا يكون المتبوع أحد الموصولات ؛ إذ لا يجوز الفصل بين الموصول وصلته بتابع مطلقا ـ كما أشرنا هناك ، وكما هو مبين تفصيلا فى موضعه الخاص ج ١ م ٢٧. ص. ٣٤١ ـ.
(٢) والصحيح أن متبوعه لا يكون ضميرا ؛ فإن جاء ضميرا وجب إعراب التابع بدلا. وليس عطف بيان ـ كما سبق فى رقم ١ ، وكما سيجىء فى رقم ٥ من هامش ص ٥٤٣ ، وفى ص ٥٥٠ ـ.
(٣) لابد من المخالفة اللفظية ؛ فلو اتحدا لفظا ومعنى لم يصلح أن يكون عطف بيان ؛ لأن الشىء لا يوضح نفسه ، ولا يبينها.
(راجع حاشية الصبان ج ٣ عند آخر بيت فى باب : «تابع المنادى». وستجىء إشارة لهذا فى ج ٤ ص ٤١ م ١٣٠).
(٤) لأن معناه ومدلوله هو الذات نفسها لا أمر عرضى طارئ عليها ـ كما أوضحنا فى ص ٥٢١ و٤٢٣ ـ
(٥) سبق فى أول باب النعت ـ ص ٤٣٨ ـ وفى غيره معنى إيضاح المعرفة ، وتخصيص النكرة ، بما ملخصه أن المعرفة تدل على معين. ولكنها ـ بالرغم من ذلك ـ قد يصيبها شىء من الشيوع بسبب تعدد مدلولها. فأحمد ، ومحمد ، وعلى ، والنابغة ... معارف ، لكن مدلول كل منها متعدد يحتاج أحيانا ـ إلى ما يزيل عنه الإبهام والشيوع ، ويوضح المراد دون غيره. وهذا هو : «الإيضاح والموضح». أما النكرة فمدلولها شائع كامل الشيوع. نحو رجل ، طائر ، حيوان ... فما يجىء لتحديد شيوعها وتقليله يسمى : «المخصص» إلا أن الإيضاح والتخصيص يكونان فى النعت بأمور معنوية عرضية طارئة على الذات ، دون الذات نفسها ، بخلافهما فى عطف البيان ؛ فينصبان على الذات نفسها ـ كما شرحنا ، وكما سيجىء هنا ، ثم فى رقم ٢ من هامش ص ٥٤٤ ـ
(٦) وقد يكون للمدح مثل : «البيت» فى قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ ...)