المقصودة التى تدل عليها كل واحدة من الكلمتين.
فنلحظ مما سبق أن كل كلمة من الكلمات التى عرضناها (وهى : «ابن» ـ الرباب ـ محمد ـ سكينة ...) جامدة ، قد أزالت عن المعرفة التى قبلها ما يشوبها من غموض ، وشيوع ، وأوضحت المقصود منها إيضاحا لا يكاد يترك أثرا لإبهام أو اشتراك ، وهى فى الوقت نفسه بمعنى تلك المعرفة دون لفظها فمدلولهما ذات واحدة ، بالرغم من اختلاف لفظهما.
(٢) كتب أحد الأدباء إلى خطيب :
(عرفتك قبل اليوم عذب الكلام ، حلو الحديث ، وسمعتك الليلة خطيبا بارعا عبقريّا ... ولقد أصغيت إلى ما قلت ؛ فإذا كلمة ، «خطبة» استهوت الأفئدة ، وأداء ، «تمثيل» خلب الألباب ، وجرس ، «نغم» جسّم المعانى ، وكشف للعيون دلالات الألفاظ ؛ حتى كدنا نراها بيننا تروح وتغدو ..).
فلو أن الكاتب كتب : «أصغيت إلى ما قلت فإذا «كلمة» ...» لذهبت بنا الظنون ، مذاهب عدة فى الذات المرادة من هذه الكلمة المصوغة بصيغة النكرة. أهى ذات كلمة واحدة؟ أهى شعر أم نثر؟ أخطبة أم مقالة ... ولكن الكاتب أزال كثيرا من الظنون حين قال بعد ذلك : «خطبة» ومعناها هنا ، والمراد من ذاتها هو معنى : «كلمة» وذاتها ؛ فتحدّد المراد من : كلمة» بعض التحديد ، وحصرت النكرة فى دائرة أضيق من الدائرة الأولى الواسعة الإبهام والشيوع ، وصارت النكرة مختصّة بعد أن كانت مطلقة كاملة الإبهام والشيوع. وكذلك كلمة : «أداء» ؛ فإنها نكرة مطلقة ، قد يراد منها ذات الأداء البلاغىّ فى تكوين الأسلوب ، أو : ذات الأداء فى الثبات ، وعدم الاضطراب ، أو : ذات الأداء فى استيفاء المعانى ... أو .. ؛ فجاءت بعدها كلمة : «تمثيل» التى هى بمعناها هنا ، فحددت ـ بعض التحديد ـ ـ المراد من حقيقة الأداء وذاته ، وقللت الاحتمالات فى فهم المراد من تلك النكرة ، أو : بعبارة أخرى : خصّصتها ، وقيدت شمولها بعض التقييد. ومثلها كلمة : «نغم» بعد النكرة : «جرس».
فكل كلمة من الثلاث : (خطبة ـ تمثيل ـ نغم) ـ وأمثالها ـ هى كلمة