كثيرة توكيدا لفظيّا لضمير غير مرفوع كما علمنا ، فيخالف بهذا ما يناسب أصله الأول ، ولكن هذه المخالفة مقبولة ، وقياسية قوية.
(٣) وإن كان المؤكّد (وهو : المتبوع) ضميرا متّصلا ـ مرفوعا ، أو غير مرفوع ـ وأريد توكيده بضمير يماثله فى اللفظ والمعنى معا ، وفى الاتصال ، وفى النوع الإعرابىّ (١) ـ فلابد أن يعاد مع التوكيد اللفظ الذى يتصل ـ مباشرة ـ بالمؤكّد (المتبوع) ، أى : أنه لا بد من تماثل الضميرين (التابع والمتبوع) فى اللفظ ، وفى المعنى ، وفى الاتصال ، وفى أن يسبق كل ضمير منهما ـ مباشرة ـ لفظ يماثل الذى يسبق الآخر فى نصّه ومعناه ، نحو : (انساب حولى صوت غنائى ساحر ؛ فجعلت جعلت ، أسمعه أسمعه ، وأصغى إليه إليه ؛ فامتلأت النفس سرورا). ولا يصح إعادة المؤكّد (المتبوع) وحده لأن هذا يخرجه عن الاتصال.
ففى الأمثلة المذكورة أريد توكيد الضمير المتصل المرفوع ، وهو : «التاء» التى فى آخر الفعل الأول : «جعل» فأكدنا هذا الضمير بمثله فى كل ما أوضحناه ، وهو «التاء» الثانية التى هى كالأولى فى لفظها ، وفى أنها ضمير ، متصل ، للرفع ، مسبوق بفعل كالفعل الذى سبق المؤكّد (المتبوع). وكذلك أريد توكيد الضمير المتصل المنصوب ؛ وهو : «الهاء» فى آخر الفعل الأول : «أسمع» فأكدناه «بالهاء» الثانية التى تماثله فى لفظه ، ومعناه ، واتصاله ، ووقوعه بعد فعل كالفعل الذى سبق المؤكّد (المتبوع). وكذلك أريد توكيد الضمير المجرور ، وهو : «الهاء» التى بعد «إلى» الأولى ، فأكّدناه بالهاء الثانية التى تماثله فى لفظه ومعناه ، واتصاله ، ووقوعه بعد حرف جو يماثل الحرف الذى قبلى المؤكّد (المتبوع) تمام المماثلة ... (هذا ، وكل لفظ تكرر ـ بعد الأول ـ لا يكون له محل إعرابى كما سبق) (٢) ....
__________________
(١) المراد : أن يكونا معا من نوع واحد ، كأن يكونا من ضمائر الرفع التى للمتكلم ، أو التى للمخاطب ، أو الغائب ، مع ملاحظة أن الضمير الذى للتوكيد اللفظى لا يعرب شيئا ، ولا محل له ، ـ كما شرحنا ـ.
(٢) فى «ا» ص ٥٢٧ وما بعدها ، وفى توكيد الضمير المتصل توكيدا لفظيا ، ووجوب أن يعاد معه عند توكيده الاسم الظاهر المتصل به ـ يقول ابن مالك :
ولا تعد لفظ ضمير متّصل |
|
إلّا مع اللّفظ الّذى به وصل |
ثم يقول فى آخر الباب :
ـ ومضمر الرّفع الّذى قد انفصل |
|
أكّد به كلّ ضمير اتّصل |
ولم يذكر ابن مالك بقية التفاصيل.