(٢) وإن كان المؤكّد (وهو المتبوع) ضميرا متصلا ـ مرفوعا ، أو غير مرفوع ـ فمن الممكن توكيده توكيدا لفظيّا بضمير يماثله فى معناه لا فى لفظه ؛ فيكون توكيده بالضمير المنفصل المرفوع المناسب له فى الإفراد والتذكير وفروعهما ؛ نحو : أرأيت أنت (١) الخير وافى خاملا ـ يفرحك أنت وصول الحق إلى صاحبه ـ هل لك أنت فى عمل الخير فتؤجر؟. ونحو : أرأيتما أنتما ... أرأيتم أنتم .. أرأيتن أنتن .... (٢) ففى الأمثلة السالفة وقع الضمير المنفصل المرفوع (أنت وفروعه) ، توكيدا لفظيّا لضمير قبله متصل ، مرفوع ، أو : منصوب ، أو مجرور ؛ وفى كل حالة من الثلاث يعرب الضمير «أنت» ، وفروعه ـ توكيدا لفظيّا مبنيّا على الفتح أو غيره ، ولا يقال فيه إنه مبنى فى محلّ رفع ، أو : نصب ، أو : جر ، إذ ليس للتوكيد اللفظىّ محل إعرابىّ ، لأن المحل الإعرابى لا يكون إلا للمبتدأ ، أو الخبر ، أو الفاعل ، أو غيرها مما له موضع إعرابى لا يقوم على التوكيد اللفظىّ.
ومن الضمير المرفوع المتصل ما هو بارز كالأمثلة السابقة ، وما هو مستتر كالفاعل لكل من الأفعال الآتية فى قوله عليه السّلام : «كل واشرب ، والبس فى غير مخيلة (٣) ولا كبر» ... فكل فعل من هذه الأفعال له فاعل ضمير مستتر مرفوع ، تقديره : أنت. فإذا أريد توكيد هذا الفاعل المستتر توكيدا لفظيّا فتوكيده بالضمير المرفوع البارز «أنت» ، وهو غير الفاعل المستتر. فنقول : كل أنت ، واشرب أنت ، والبس أنت ، «فأنت» الضمير الظاهر هو توكيد لفظى للمستتر ، ومثله قول الشاعر :
إذا ما بدت من صاحب لك زلّة |
|
فكن أنت محتالا لزلّته عذرا |
فالضمير : «أنت» البارز توكيد لاسم : «كان» المستتر ، وتقديره : أنت ، أيضا.
والضمير : «أنت» المؤكّد ، هو فى أصله أحد ضمائر الرفع البارزة فحقه أن يؤكّد الضمير المرفوع فقط ، لكنه ـ على الرغم من هذا ـ يكون أحيانا
__________________
(١) وهذا كقوله تعالى (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً ، وَأَعْظَمَ أَجْراً) حيث وقع الضمير المنفصل المرفوع : «هو» توكيدا لفظيا للضمير المتصل المنصوب ، وهو الهاء فى آخر الفعل «تجدوه»
(٢) ومثل «هم» المؤكدة لواو الجماعة فى قوله تعالى : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ.)
(٣) اختيال ـ كبر.