ويصح أن يقال ـ كما سيجىء (١) ـ : إن الشمس إنها قاتلة للجراثيم. فكلمة «إن» الثانية توكيد لفظى لا عمل لها ولا محلّ ، و «ها» ضمير عائد على الشمس ، مبنى على السّكون ، لا محل له من الإعراب ؛ فليس اسما ل «إنّ» ، ولا لغيرها ، ولا عاملا ، ولا معمولا لشىء مطلقا ؛ وإنما هو مجرد رمز يحاكى (٢) اسم «إن» الأولى ، ويعرب توكيدا لفظيّا له (٣) ... وهكذا كل رمز آخر يشبهه.
ومن الواجب مراعاة ما سبقت (٤) الإشارة إليه ، وهو : أن المؤكّد (المتبوع) لا يصح تكراره أكثر من ثلاث مرات.
ب ـ إن كان المؤكد (وهو : المتبوع) اسما :
(١) فإن كان اسما ظاهرا (ومثله : اسم الفعل). فتوكيده اللفظىّ يكون بمجرد التكرار ، نحو : النجوم النجوم معلقة فى الفضاء ، والشمس واحدة منها ، والأرض الأرض كالحصاة الصغيرة بين آلاف من الكواكب الأخرى. فكلمة : «النجوم» الثانية ، وكذلك كلمة : «الأرض» الثانية ـ توكيد لفظىّ ، وكلتاهما تضبط كالأولى ، لأنها تابعة لها فى الضبط فقط ، من غير أن يقال عن الثانية إنها مبتدأ ، أو خبر ؛ أو فاعل ، أو غيره مما له موقع إعرابى ... ويستثنى من هذا الحكم الأسماء الموصولة ، فإنها لا تؤكّد توكيدا لفظيّا إلا بإعادة لفظها وصلته معه ، فلا يجوز تكرار اسم الموصول وحده دون تكرار صلته. نحو : الذى سمك السماء. الذى سمك السماء ـ قادر على دكّ عروش الظالمين ...
هذا ، والأغلب أن الاسم الظاهر لا يكون توكيده اللفظى ضميرا ـ لما سبق بيانه (٥) ـ.
__________________
(١) فى رقم ٣ من ص ٥٣٢.
(٢) يقولون فى إعراب هذا إنه جاء بقصد محاكاة الاسم السابق ، فما المراد بالمحاكاة من الناحية الإعرابية؟ أهى التوكيد اللفظى أم شىء غيره؟ فإن كانت هى التوكيد اللفظى فكيف نوفق بينها وبين ما نصوا عليه (فى هذا الباب ـ وغيره ـ ص ٥٢٤) من أن الضمير لا يؤكد الاسم الظاهر ، إذ الاسم الظاهر أوضح منه ، لعدم حاجته إلى مرجع يفسره؟ أهذه الحالة مستثناة ، والقاعدة السالفة أغلبية؟
نعم هذا الذى يفهم من كلام فى حاشية ياسين على شرح التصريح فى أول بحث : «التوكيد اللفظى».
(٣) ومثله الضمير : «هم» فى قوله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) ـ انظر رقم ٢ من هامش ص ٥٢٥ ـ.
(٤) فى ص ٥٢٦.
(٥) فى ص ٥٢٤ وانظر رقم ٢ من هذا الهامش.