يكون المؤكّد مماثلا له فى ضبطه ، ومضافا إلى ضمير مذكور حتما ، يطابقه فى الإفراد والتذكير وفروعهما ؛ ليربط بينهما ، وأن يكون المؤكّد ، إما جمعا له أفراد (١) ، وإما مفردا يتجزأ بنفسه ، أو بعامله (٢). فمثال الجمع المؤكّد : حضر الزملاء كلهم ، أو : جميعهم ، أو عامتهم ـ كرّمت الزميلات كلّهن ـ أو جميعهن ، أو عامتهن ، ومنه قول الشاعر :
لولا المشقّة ساد الناس كلّهم |
|
الجود يفقر ، والإقدام قتّال |
ومثال المفرد الذى يتجزأ بنفسه : قرأت الكتاب كلّه ، أو : جميعه ، أو : عامّته. ومثال المفرد الذى يتجزأ بعامله اشتريت الحصان كله ، أو : جميعه ، أو : عامته.
لما سبق كان من المستقبح أن يقال : جاء الأخ كله ـ مثلا ـ لعدم الفائدة من التوكيد ؛ إذ يستحيل نسبة المجىء إلى جزء منه دون آخر (٣) ... ومال أكثر النحاة إلى منع هذا وأمثاله ، ولم يكتفوا باستقباحه.
__________________
(١) ما الحكم فى فاعل «نعم وبئس» ونظائرهما إذا كان مقترنا بالأداة التى تفيده «العموم» ، وهى : «أل الجنسية ، أو العهدية»؟ أيجوز توكيده بأحد تلك الألفاظ الدالة على الشمول الكامل والعموم الحقيقى؟ الإجابة عن هذا السؤال الهام مفصلة فى «ا» ص ٣٦٩ ثم ص ٣٧٤ وهامشيهما.
(٢) المراد بما يتجزأ بنفسه : ما يتكون من جملة أجزاء يمكن أن يستقل كل جزء منها وحده بتحقيق الفائدة منه من غير توقف على انضمامه إلى المجموع ؛ كالفضة ـ مثلا ـ فإنها تتكون من أجزاء كل جزء منها ينفع ـ بنفسه ـ فى شىء مطلوب ، وكذلك المال ، فإنه يتكون من دراهم ودنانير ، كل درهم أو دينار يؤدى منفعته من غير حاجة إلى انضمامه لنظير له. أما الذى يتجزأ بعامله فهو الذى له أجزاء لا ينفع الواحد فى أداء مهمته الأساسية إلا باتصاله بجزء آخر ؛ لأن أجزاءه متماسكة متصلة ، لا يصلح واحد منها لتحقيق الفائدة الأصيلة إلا حين يكون متصلا بباقى نظرائه. لكنه يتجزأ باعتبار آخر خارج عن ذاته الأصلية ، وذلك الاعتبار حين يقع عليه أثر عامل نحوى ومعناه ، ويكون هذا المعنى مما يتجزأ. خذ ـ مثلا ـ الحصان ؛ فإنه لا يمكن أن يتجزأ أجزاء يؤدى كل منها عمله الأصلى بعد التجزىء ، فإذا قلت : اشتريت الحصان ، أو بعت الحصان ... فإن الحصان معمول للفعل : اشترى ، أو : باع ، وكل من الشراء والبيع يتجزأ ؛ إذ يمكن شراء نصف الحصان ، أو ربعه ، أو ثلثه ... و ... وكذلك بيعه ، فالعامل ـ كما نرى ـ يتجزأ ؛ لهذا يصح أن يقال : اشتريت الحصان كله ، واستأجرت الخادم كله. والساقية كلها ، والسيارة كلها ...
(٣) وفى ألفاظ الشمول الخمسة الأصلية يقول ابن مالك :
و «كلّا» اذكر فى الشّمول و «كلا» |
|
«كلتا» ، «جميعا» بالضّمير موصلا |
واستعملوا أيضا ككلّ : «فاعله» |
|
من : «عمّ» فى التوكيد ، مثل : النّافله |
يريد : اذكر عند إرادة الشمول لفظة التوكيد الدالة على الشمول ، وهى «كل» و «كلا» و «كلتا» ـ