تترك مجالا لتوهم أن المقصود شىء آخر غيرها ؛ كخادمه ، أو صبيه ، أو : أداته. أو شبيهه ... وإنما المقصود هو ذاته ، دون مبالغة ، أو مجاز ، ودون إرادة شىء سواها. وكذلك كلمة : «عين» فإنها أفادت النص على الذات ، وأبعدت عنها ـ فى الأغلب ـ كل احتمال يقوم على تلك المبالغة ، أو المجاز ، أو إرادة معنى لا يتصل بصميمها مباشرة. وهذا معنى قولهم : إن التوكيد بالنفس أو بالعين يقصر المعنى الحقيقى على الذات وحدها ، ويركزه فيها ، ويزيل ـ فى الأغلب ـ كل احتمال عنها آخر.
وإذا وقعت كلمة : «عين ، أو نفس» ، تابعة على هذا الوجه ، سميت فى اصطلاح النحاة «توكيدا». أو : تأكيدا : أو «مؤكّدة» ـ بكسر الكاف ـ والأول هو الأشهر ، وسمى متبوعها : مؤكّدا ـ بفتح الكاف ـ وهذا هو الشأن فى جميع ألفاظ التوكيد.
حكمهما :
إذا كانتا للتوكيد وجب أن يسبقهما المؤكّد ، وأن تكونا مثله فى الضبط الإعرابى ، وأن تضاف كل واحدة منهما إلى ضمير مذكور ـ حتما ـ يطابق هذا المؤكّد فى التذكير والإفراد وفروعهما ؛ ليربط بين التابع والمتبوع. تقول : صافحت الوالى نفسه ـ صافحت الواليين أنفسهما ـ صافحت الولاة أنفسهم ـ صافحت الوالية عينها ـ صافحت الواليتين أعينهما ـ صافحت الواليات أعينهن. وهذا الضمير لا يجوز حذفه ولا تقديره (١) ...
فإن لم يتقدم المتبوع ، أو لم يوجد الضمير المضاف إليه ، المطابق ـ لم يصح إعرابهما توكيدا ، بل يجب إعرابهما شيئا آخر على حسب الجملة ، (مبتدأ ، أو خبرا ، أو بدلا ، أو عطف بيان ، أو مفعولا به ، أو غيره (٢) ..). ومن أمثلة المفعول به :
من عاتب الجهال أتعب نفسه |
|
ومن لام من لا يعرف اللوم أفسدا |
__________________
(١) فى توكيد الاسم بالنفس أو بالعين مع اشتمالهما على ضمير مطابق للمؤكّد ـ يقول ابن مالك :
بالنّفس ، أو بالعين الاسم أكّدا |
|
مع ضمير طابق الموكّدا |
وهذا الضمير لا بد من ذكره هنا وفى كل نوع من أنواع التوكيد المعنوى الآتية. ولا يصح حذفه مطلقا فى حالة هذا التوكيد.
(٢) انظر ما يتصل بحكم «النفس والعين» عند فقد المؤكّد ـ فى ص ٥١٥ ـ.