مباشرة ، أو إلى إفادته العموم والشمول المناسبين لمدلوله» (١) ...
وإن شئت فقل : تابع يدلّ على أن معنى متبوعه حقيقى ؛ لا دخل للمبالغة فيه ، ولا للمجاز ، ولا للسّهو ، أو النسيان ، ونحوهما ...
فالغرض من التوكيد المعنوىّ هو إبعاد ذلك الاحتمال وإزالته ؛ إما عن ذات المتبوع ، وإما عن إفادته التعميم الشامل المناسب (٢) لمدلوله ، فإن لم يوجد الاحتمال لم يكن من البلاغة التوكيد.
* * *
ألفاظ التوكيد المعنوى :
ألفاظه الأصلية سبعة ، وقد تلحق بها ـ أحيانا ـ ألفاظ فرعية أخرى سنعرفها (٣). والسبعة الأصلية ثلاثة أنواع :
الأول : نوع يراد منه إزالة الاحتمال عن الذات فى صميمها (٤) ، وإبعاد الشك المعنوى عنها. وأشهر ألفاظه الأصلية : نفس (٥) ، وعين (٦). ومن الأمثلة قول أحد الرّحالين : (... رأيت الساحر الهندىّ نفسه ـ وهو المعروف بالأعيبه وحيله ـ يقبض على الجمرة عينها بأصابعه العارية ، ويظل كذلك دقائق كثيرة ...) ، فكلمة : «نفس» أزالت ـ فى الأغلب ـ الشك والمجاز عن ذات الساحر ، فلم
__________________
ـ كالجسم ، وباقى المحسوسات ، كما تشمل الحقائق المعنوية المحضة ؛ كذات العلم ، وذات الفهم ، وذات الأدب ... ـ انظر ما يتصل بهذا فى رقم ٤ من هذا الهامش ـ.
(١ و١) المراد من العموم المناسب للمدلول هنا : يشمل إزالة الاحتمال عن التثنية المقصودة حقيقة ، لا مجازا ، كما يشمل إزالة الاحتمال عن الجمع المقصود حقيقة ، لا مجازا. (ثم انظر «ب» من ص ٥٠٧).
(٢) فى ص ٥١٧.
(٣) أى : فى حقيقتها المادية (وهى المحسوسة ـ غالبا ـ) لا فى أمر عرضى مما يطرأ عليها.
(٤ و٤) ليس المقصود هنا من «نفس» الشىء أو : «عين» الشىء مقصورا على حقيقته المادية المحسوسة (أى : التى ندركها بإحدى الحواس) وإنما المقصود عام يشمل تكوينه المادى المحسوس كما يشمل تكوينه الذاتى الأصيل غير المحسوس بإحدى الحواس ، مثل : العلم ـ الفهم ـ الصدق.
ويزيد بعض النحاة توضيح هذا ـ كما جاء فى الخضرى عند الكلام على التوكيد بالنفس أو العين ـ بقوله : «(مرادا بهما جملة الشىء وحقيقته ، وإن لم يكن له نفس ولا عين حقيقة. فإن أريد بالنفس : «الدم» ، وبالعين : «الجارحة ، كسفكت زيدا نفسه ، وفقأت زيدا عينه ، لم يكونا توكيدا ؛ فهما فى المثال بدل بعض ..)» ا ه.
ـ انظر ما يتصل بهذا فى رقم ٢ من هامش الصفحة السابقة ـ.