أو غيره ؛ ولتركّز الفهم فى معنى حقيقى واحد : هو الوصول إلى جرم القمر ذاته ، بسبب كلمة : «نفس» التى منعت أن يكون هناك لفظ محذوف كالمضاف ـ مثلا ـ تنشأ عن ملاحظته وتخيله احتمالات مختلفة.
كذلك إذا سمعنا من يقول : «حفظت ديوان المتنبّى» فقد يخطر على البال سريعا أنه حفظ أكثره ، أو أحسنه ، أو حكمه ... وأنه لم يقصد الشمول الحقيقى حين قال : «حفظت ديوان المتنبىّ» ؛ وإنما قصد : حفظت أكثر ديوان المتنبىّ ، أو أحسن ديوان المتنبىّ ، أو أحكم ديوان المتنبىّ ... فحذف المضاف سهوا ، أو : خطأ ، أو لما فى حذفه هنا من مبالغة ، أو مجاز ، وكل منهما فى تأدية المعنى أبلغ وأقدر. فلو أنه قال : «حفظت ديوان المتنبىّ كلّه» ما ترك ـ فى الأغلب ـ حول الشمول الكامل مجالا لشىء من تلك الاحتمالات ، ولا لتخيّل شىء محذوف ؛ كالمضاف ، ولا لمبالغة ، أو مجاز ، أو نسيان ، ونحوه ؛ بل يتّجه الفهم إلى معنى واحد ؛ هو : حفظ الديوان كاملا غير منقوص. وقد نشأ هذا التركيز والاقتصار فى الفهم على المعنى الواحد من كلمة : «كلّ».
فكلمة : «نفس» فى المثال الأول وما شابهه ، وكلمة : «كلّ» فى الثانى وما شابهه ، ـ تسمى : «توكيدا معنويّا» ؛ فهو :
«تابع (١) يزيل عن متبوعه ما لا يراد من احتمالات معنوية تتجه إلى ذاته (٢)
__________________
(١) سبق ـ فى ص ٤٣٤ ـ بيان معنى التابع. وأحكامه العامة ، وترتيبه مع نظرائه ، وكل ما يتصل به. ومن أهم أحكامه : أنه مثل متبوعه فى حركات الإعراب ، وجواز الفصل بينه وبين المتبوع على لوحه المشروح هناك ، بشرط ألا يكون المتبوع موصولا ؛ فإنه لا يصح الفصل بتابع بين الموصول وصلته مطلقا ... (طبقا لبيان التفصيلى. فى ج ١ م ٢٧ ص ٣٤٢ باب : الموصول) وأن النعت يجوز قطعه (كما تقدم فى بابه ـ ص ٤٨٦ ـ) كذا عطف البيان ؛ كما سيجىء عند الكلام عليه فى بابه ص ٥٤٢ وكذلك عطف النسق فى الرأى الصحيح ـ وسيجىء فى ص ٥٥٥ ـ أما التوكيد بنوعيه فلا يجوز القطع فيه مطلقا ؛ حتى كلمة : «كل» حين تصير نعتا فى بعض حالاتها التى تجىء فى ص ٥١٤ وقد أشار الصبان فى آخر «باب البدل» إلى رأى يجيز فى التوكيد القطع وهو رأى جدير بالإهمال. وأما البدل فيصح فيه القطع على الوجه الذى يأتى فى بابه (ص ٦٧٧ «ه»).
(٢) المراد بالذات هنا : حقيقة الشىء الأصلية ، وجملته كاملة ؛ فتشمل الذات الحسية ؛ ـ