المسألة ١١٦ :
ب ـ التوكيد (١)
التوكيد قسمان : معنوى ، ولفظى (٢).
القسم الأول ؛ المعنوى (٣) :
إذا سمعنا من يقول : «وصل أحد العلماء إلى القمر» ، خطر بالبال عدة احتمالات ؛ منها : أنه وصل إلى قرب القمر ، دون الوصول إلى جرمه وذاته الحقيقية ، أو : أنه وصل إلى مداره ، أو إلى أسراره العلمية والفلكية ... ونتوهم أن المتكلم أراد أن يقول : ـ مثلا ـ وصل أحد العلماء إلى قرب القمر ، أو إلى مدار القمر. أو إلى أسرار القمر ... فحذف المضاف سهوا ، أو خطأ ، أو لأن حذفه هنا يؤدى إلى المبالغة أو المجاز (٤) ، وكلاهما أبلغ وأقوى فى تأدية المعنى من الحقيقة. هذا بعض ما يخطر بالبال عند سماع تلك العبارة ...
فلو أنه قال : وصل أحد العلماء إلى القمر نفسه ، لزالت ـ فى الأغلب (٥) ـ تلك الاحتمالات وغيرها ، ولم يبق مجال لتوهم المبالغة ، أو المجاز بالحذف ، أو السّهو
__________________
(١) وبسمى أيضا : التأكيد. والأول أشهر فى استعمال النحاة. (كما سيجىء فى ص ٥٠٤). وسنعرض هنا لتوكيد «الاصطلاحى» الذى يقتصر عليه النحاة ، دون الأنواع الأخرى التى قد تفيد التوكيد ؛ (مثل إنّ ، وأنّ ، والحرف الزائد ، وكالقسم وغيره.) ولكنها لا تسمى توكيدا نحويا اصطلاحيا.
(٢) مدلول التوكيد اللفظى ، وكذا مدلول التوكيد المعنوى بالنفس والعين ، هو ذات المؤكّد. أى : أن التابع هو عين المتبوع وذاته ، وليس أمرا عرضيا مما يطرأ على المتبوع. أما التوكيد المعنوى بلفظ : «كل وجميع» فإن المراد منهما هو إفادة الشمول ... و ... (راجع الإشارة الخاصة بهذا فى هامش ص ٤٣٨ ، بعنوان : «ملاحظة هامة».).
(٣) سيجىء القسم الثانى اللفظى فى ص ٥٢٥.
(٤) مجاز بالحذف ، أو : مجاز مرسل.
(٥) قلنا : فى «الأغلب» ... لأن الأمر قد يحتاج فى إزالة كل الاحتمال إلى تعدد التوكيد المعنوى.