وقد تتقدّم الجملة أيضا على غيرها كقوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ ...)(١) وهذا النوع من التقدم فصيح يجوز القياس عليه ؛ لوروده فى أبلغ الكلام ـ وهو القرآن ـ ولكن الأول أكثر.
* * *
عطف النعوت المختلفة المعانى بعضها على بعض :
يجوز عطف النعوت بعضها على بعض مع ملاحظة ما يأتى :
(١) أن تكون النعوت المتعددة مختلفة المعانى وليست جملا (٢) ؛ فلا يصح العطف فى مثل : هذا رجل غنىّ ثرىّ ؛ لأن الثرىّ بمعنى الغنىّ ، ولو عطف عليه لعطف الشىء على آخر بمعناه ، والعطف يقتضى المغايرة المعنوية ، غالبا (٣). ولا فرق فى منع العطف فى النعوت المتفقة المعانى بين أن تكون كلها تابعة فى إعرابها للمنعوت ، وأن تكون مقطوعة ، وأن يكون بعضها تابعا وبعضها مقطوعا.
أما إذا كانت النعوت المتعددة جملا (٤) فالأفضل عطفها ؛ ولا يشترط اتفاقها فى المعنى أو اختلافها ؛ نحو : أحترم رجلا يترفع عن الصغائر ، ويتوقى مواطن السوء ، ويجنّب نفسه الهوان.
(٢) ألّا يكون حرف العطف هو : «أم» ، أو : «حتى» ؛ إذ لا تعطف النعوت بواحد منهما (٥).
(٣) وإذا كانت النعوت مختلفة المعانى والمنعوت مثنى أو جمعا ، وجب ـ فى الأكثر ـ العطف بحرف الواو دون غيره ـ كما سبق (٦) ـ نحو : تحدث الفائزان ؛
__________________
(١) وقول الشاعر فى ظالم :
بغى وللبغى سهام تنتظر |
|
أنفذ فى الأكباد من وخز الإبر |
(٢ و٢) أما شبه الجملة ففى حكم المفرد إذا كان متعلقه مفردا.
(٣) الا إذا كان العطف للتفسير الذى يراد به إيضاح الغامض ، أو المجهول ، كما قد يحصل ـ أحيانا ـ ولا غامض ولا مجهول هنا.
ويحسن العطف عند تباعد المعانى المختلفة ، كقوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ ، وَالْآخِرُ ، وَالظَّاهِرُ ، وَالْباطِنُ بخلافها إذا تقاربت ؛ كقوله تعالى : (هُوَ اللهُ ، الْخالِقُ ، الْبارِئُ ، الْمُصَوِّرُ).
(٢ و٢) أما شبه الجملة ففى حكم المفرد إذا كان متعلقه مفردا.
(٤) سبقت الإشارة لهذا فى رقم ٢ من هامش ص ٤٨١.
(٥) فى ص ٤٨٢.