ويرى بعض النحاة أن هذه الجملة المشتملة على النعت المقطوع ليست مستقلة ولا مستأنفة ، وإنما هى «حال» إذا وقعت بعد معرفة محضة ، و «نعت» إذا وقعت بعد نكرة محضة ، وتصلح للأمرين إذا وقعت بعد نكرة مختصة ، فشأنها كغيرها من الجمل التى تعرب «حالا» بعد المعارف المحضة ، و «نعتا» بعد النكرات المحضة ، وتصلح للأمرين بعد النكرة المختصة. والرأى الأول (١) أقوم وأحسن.
(٧) سبب القطع بلاغىّ محض ـ كما قلنا (٢) ـ هو التشويق ، وتوجيه الأذهان بدفع قوىّ إلى النعت المقطوع ؛ لأهمية فيه تستدعى مزيدا من الانتباه إليه ، وتعلق الفكر به ، وأنّه حقيق بالتنويه وإبراز مكانته. وجعلوا الأمارة على هذا كله إضمار العامل ، وتكوين جملة جديدة ، الغرض منها : إنشاء المدح أو الذم أو الترحم ، .. أو ... فهى جملة إنشائية من نوع الجمل الإنشائية غير الطلبية (٣).
وإذا كان سبب القطع بلاغيّا ـ ولا بدّ من قيام هذا السبب ـ فمن البلاغة أيضا ألا نلجأ إلى استخدام القطع مع من يجهله ؛ فيحكم بالخطأ على الضبط الحادث بسببه.
* * *
حذف النعت ، أو المنعوت ، أو هما معا :
ا ـ قد يحذف النعت ـ أحيانا حذفا قياسيّا ـ إن كان معلوما بقرينة تدل عليه بعد حذفه ؛ كقوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ؛ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها ، وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)، والأصل : «كل سفينة صالحة» ؛ بقرينة قوله : (أن أعيبها ؛ فهى تدل على أنها قبل هذا خالية من العيب ، أى : صالحة للانتفاع بها ، وبقرينة أخرى ؛ هى : أن الملك الغاصب لا يغتصب ما لا نفع فيه.
__________________
(١) لأن هذه الجملة الجديدة إنشائية للمدح أو الذم أو غيرهما ـ كما سيجىء بعد هذا مباشرة ـ والجملة الإنشائية لا تكون نعتا ـ إلا مع التأويل الذى سبق فى هامش ص ٤٧٤ ـ ولا تكون حالا.
(٢) تقدم البيان فى رقم ٣ من هامش ص ٤٨٧.
(٣) وقد سبقت الإشارة لهذا فى ج ١ ص ٤٦٤ م ٣٩.