ومثل قول شاعر أخذ نصيبه من غنائم الحرب فلم يرض به :
وقد كنت فى الحرب ذا تدرا (١) |
|
فلم أعط شيئا ولم أمنع |
والتقدير : فلم أعط شيئا نافعا ؛ بدليل قوله : ولم أمنع ، وبدليل الأمر التاريخىّ المعروف ، وهو أنه أخذ ـ فعلا ـ نصيبا ، ولكنه لم يقنع به.
ومثل قول الشاعر يصف فتاة بالجمال :
وربّ أسيلة (٢) الخدّين بكر |
|
مهفهفة (٣) ، لها فرع ، وجيد |
المراد : لها فرع فاحم (٤) ، وجيد طويل ، والقرينة : أن مدح الفتاة بالجمال لا يكون بأمر عامّ يشاركها فى مثله آلاف من نظيراتها ، فليس من المدح وصفها بمجرد فرع لها ، وجيد ، فهذان أمران ملازمان كل فتاة ، وإنما يكون المدح بأوصاف وبمزايا خاصة تتحقق فى كل منهما ؛ كشدة سواد الشعر ، أو نعومته ، أو طوله ... أو ... وكطول الجيد باعتدال ، أو استدارته ، وعدم غلظه كذلك (٥) ...
* * *
ب ـ حذف المنعوت (٦) :
يجب حذف المنعوت فى كل موضع اشتهر فيه النعت اشتهارا يغنى عن المنعوت غناء تامّا ؛ بحيث لا يتجه الذهن إليه ؛ نحو : جاء الفارس. والأصل : جاء الرجل الفارس ؛ أى : راكب الفرس. ومثل : جاء الصاحب ، أى : الرجل الصاحب. فلا يجوز فيهما وفى أشباههما أن يقال : جاء الرجل الفارس ، ولا جاء الرجل الصاحب. والنعت فى الحالة السالفة لا يسمّى نعتا ، وإنما يحل محل المحذوف فى إعرابه فاعلا ، أو مفعولا ، أو غيرهما ... مما كان عليه المحذوف قبل حذفه.
__________________
(١) قوة ، وعدة حربية.
(٢) مصقولة ناعمة ...
(٣) رشيقة ، ضامرة البطن ، دقيقة الخصر.
(٤) أى : شديد السواد ، كلون الفحم.
(٥) ومن أمثلة حذف النعت قوله عليه السّلام : «(لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد.)» أى : لا صلاة كاملة ، وقول بعض العرب عن عمر : (كان والله رجلا ...) يريد : رجلا عظيما ... وعن على : (سمعته يخطب فكان الخطيب ..) يريد : الخطيب البارع .. أو ما شاكل هذا.
(٦) أشرنا فى ص ٤٧٣ إلى حذف المنعوت ، وقلنا إن بسط الكلام عليه هنا.