المسألة ١١١ :
الأفعال (١) التى تجرى مجرى : «نعم» وبئس»
الأصل العامّ : أن يقتصر كل فعل تحتويه الجملة المفيدة على تأدية معنى واحد مناسب ؛ يكتفى به ، ولا ينضم إليه معنى آخر. وينطبق هذا الأصل العام على أكثر الأفعال الثلاثية ، حيث يقتصر كل فعل منها على تأدية معناه الخاص الواحد من غير دلالة معه على مدح ، أو : ذمّ. أو : تعجب ... كالأفعال : فرح ـ قعد ـ فهم ... و ... ومئات غيرها ـ فإن كل فعل منها يؤدى معناه المعيّن ؛ (وهو : الفرح ، القعود ، الفهم ...) تأدية مجردة من الإشعار بمدح ، أو ذم ، أو تعجب ؛ فلا صلة لها بشىء من هذه المعانى الثلاثة.
لكن من الممكن أن يدخل شىء من التغيير على صيغة كل فعل من الأفعال السابقة ـ ونظائرها ـ ليصير على وزن معيّن ، فيؤدى معناه الأصلى الخاص مع زيادة فى الدلالة ؛ تتضمن المدح بهذا المعنى اللغوىّ الخاص ، أو الذم به ، كما تتضمن ـ فى الوقت نفسه ـ الإشعار بالتعجب فى الحالتين. فالزيادة الطارئة على المعنى اللغوىّ الأصلى للفعل بعد تغيير صيغته ـ تتضمن الأمرين معا. وإن شئت فقل : إن الفعل الثلاثى فى صيغته الجديدة ، الناشئة من التغيير يؤدى ثلاثة أمور مجتمعة ؛ هى : معناه اللغوىّ الخاص ، مزيدا عليه المدح بهذا المعنى الخاصّ ، أو الذمّ به على حسب دلالته الأصلية ، وأيضا إفادة التعجب فى حالتى المدح والذم (٢).
والمدح والذم هنا خاصّان ؛ لأنهما يقتصران على المعنى اللغوىّ للفعل ، وهذا المعنى معيّن محدود ، ولهذا يكون المدح به أو الذم خاصّا ، مع إفادة التعجب
__________________
(١) قد نضيق بهذه الأفعال وأحكامها ، وننفر ـ أحيانا ـ من جرسها بعد تحويلها للمدح أو للذم وما يصحبهما ، بالرغم من أن هذا التحويل قياسى. فحبذا الاقتصار على فهم الوارد منها ، والاستغناء عن محاكاته ؛ ـ مع صحة محاكاته ـ نزولا على الدواعى البلاغية العالية. ـ كما سنشير فى رقم ١ من هامش ص ٣٨٧ وكذلك فى ص ٣٩٣.
(٢) سبقت الإشارة لهذا.
«ملاحظة» : انظر حكما آخر يتصل بهذا التحويل ـ سيجىء فى «ج» ص ٣٨٩ ـ.