(٤) امتناع توكيد فاعلهما المفرد الظاهر توكيدا معنويّا ، فلا يصح نعم الرجل كلهم (١) محمد ، ولا بئس الرجل أنفسهم علىّ. كما لا يصح : نعم الرجل كله محمد ، ولا بئس الرجل نفسه على (٢) ... فإن كان فاعلهما مثنى أو جمعا جاز ، نحو : نعم الصديقان كلاهما ، محمد وعلى ـ نعم الأصدقاء كلهم محمد وعلى وحامد ... ومثلهما المثنى والجمع للمؤنث ...
أما التوكيد اللفظى فلا يمتنع ، وكذلك : (البدل ، والعطف (٣)). وأما النعت فيجوز إذا أريد به الإيضاح والكشف ، لا التخصيص (٤) ، كقول الشاعر :
لعمرى ـ وما عمرى علىّ بهيّن |
|
لبئس الفتى المدعوّ بالليّل حاتم |
__________________
(١) «كلهم» بالجمع ـ مراعاة لمعنى الفاعل ـ لا لفظه ـ لأنه بمعنى الجنس المشتمل على أفراد كثيرة ، كما سبق فى «ا» من ص ٣٦٩. (انظر رقم ٢ التالى).
(٢) لا يصح التوكيد المعنوى إذا كان لفظه للجمع كالمثالين الأولين لأن فيه تناقضا بين ظاهره اللفظى الدال على الجمع ، وظاهر الفاعل الدال لفظه على الإفراد. كما لا يصح أيضا إذا كان لفظه للمفرد ، منعا لمتناقض بين ظاهره اللفظى ومعنى الفاعل الملحوظ فيه الجنس كله ، أو أنه بمنزلة الجنس كله.
هذا على اعتبار «أل» جنسية ؛ أما على اعتبارها للعهد فلم يقطعوا فيه برأى ، وإنما قالو لا يستبعد جوازه (راجع الصبان ـ وغيره ـ فى هذا الموضع) ، وهذه فتوى مضطربة. والأحسن الأخذ بالرأى الذى لا يبيح التوكيد المعنوى مطلقا ؛ لأن الغرض منه لا يتحقق هنا مع «أل» ؛ العهدية ؛ إذ مقام المدح والذم لا يتطلب الإحاطة والشمول فنأتى له بلفظ : «كل أو جميع ، أو عامة ،» ... أو نحوها من ألفاظ التوكيد الدالة على الشمول ، وليس المقام بمقام رفع احتمال الشك عن ذات الفاعل فنأتى له بلفظ التوكيد الذى يزيل الشك عنها ؛ مثل كلمة : «نفس» ، أو ما يشبهها ...
(٣) اشترط بعض النحاة فى (البدل والعطف) أن يكون كل منهما صالحا لمباشرة «نعم» (بأن يكون معرفا «بأل». أو مضافا إلى المعرف بها ، ولو بواسطة .. و.) وبعض آخر لم يشترط هذا ؛ محتجا بأنه يغتفر فى التابع مالا يغتفر فى المتبوع. ولم يوضح لنا أحد الفريقين موقفه من السماع الكثير الوارد عن العرب ؛ لتكون الحجة قاطعة. لهذا كان من التيسير المقبول الأخذ برأى من لا يشترط ما سبق.
(٤) لأن تخصيصه مناف للشمول والتعميم عند من يجعل «أل» جنسية ، فإذا أريد به الكشف والإيضاح على تأويل أنه الجامع لكل الصفات ، صح النعت به. وأما القائلون بأنها للعهد فلا يشترطون هذا ، ويبيحون النعت. فهنا صورتان ؛ يجوز النعت مع التأول فى إحداهما ، وعدم التأول فى الأخرى. ومن الخير ترك هذا العناء كله ، والاقتصار على النتيجة النافعة التى ينته إليها الرأيان وهى : النعت ، وإهمال ما يحف به من جدل.