وقال الآخر :
نعم الفتى المرّىّ (١) أنت ، إذا همو |
|
حضروا لدى الحجرات (٢) نار الموقد |
فإن كان الفاعل ضميرا مستترا فلا يجوز أن يكون له تابع من نعت ، أو عطف ، أو توكيد ، أو بدل.
(٥) حاجتهما ـ فى الغالب ـ إلى اسم مرفوع بعدهما هو المقصود بالمدح أو الذم ، ويسمى : «المخصوص بالمدح والذم». وعلامته : أن يصلح وقوعه مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية التى قبله مع استقامة المعنى ، نحو : (نعم المغرد البلبل ـ بئس الناعب الغراب) ؛ فالبلبل هو : المخصوص بالمدح ، والغراب هو : المخصوص بالذم ، وكلاهما يصلح أن يكون مبتدأ ، والجملة الفعلية قبله خبره ؛ فنقول : البلبل نعم المغرد ـ الغراب بئس النّاعب.
ويشترط فى هذا المخصوص أن يكون معرفة ، أو نكرة مختصة بوصف ، أو إضافة ، أو غيرهما من وسائل التخصيص (٣) ... وأن يكون أخص من الفاعل (٤) ، لا مساويا له ، ولا أعم منه (٥) ؛ وأن يكون مطابقا له فى المعنى ، (فيكون مثله فى مدلوله تذكيرا ، وتأنيثا ، وإفرادا ، وتثنية ، وجمعا) ... وأن يكون متأخرا عن الفاعل ؛ فلا يتوسط بينه وبين فعله (٦) ، ـ ويجوز تقدمه على الفعل والفاعل معا ـ كما يجب تأخره عن التمييز إذا كان الفاعل ضميرا مستترا له تمييز ؛
__________________
(١) المنسوب لقبيلة مرّة ـ. والمقصود به : سنان بن أبى حارثة المرى.
(٢) الحجرات ، جمع : حجرة (بفتح الحاء والجيم) وهى شدة برد الشتاء. وقد تقرأ : حجرات جمع : حجرة : بضم فسكون.
(٣) أو يصلح أن يكون خبرا إذا جعلنا الفاعل مبتدأ موصوفا بكلمة : «الممدوح» أو كلمة : «المذموم» على حسب المعنى ؛ (لأن مفسر الفاعل كالفاعل) ، نحو : نعم الصانع خليل ، وبئس المصنوع النسيج ، أى : (الصانع ، الممدوح خليل) (المصنوع ، المذموم النسيج) وسيجىء الكلام ، على إعراب المخصوص فى ص ٣٧٨.
(٤) لأن المراد من الفاعل هو الجنس كله ـ طبقا للرأى الأغلب ـ.
(٥) حجتهم فى أن يكون أخص : أن يحصل التفصيل بعد الإجمال ؛ ليكون أوقع فى النفس ... والحجة الحقيقية وحدها هى استعمال العرب ، كالشأن فى باقى الحجج التالية.
(٦) بزعم أن هذا أدعى للتشويق ، لكن يجوز أن يتقدم على الفعل والفاعل وفى هذه الصورة لا يسمى : مخصوصا. والسبب فى المنع هو استعمال العرب ـ ليس غير ـ ويجب إهمال مثل هذه التعليلات.