المسألة ١٠٨ :
التّعجّب
معناه :
إذا رأينا فى أحد الكواكب أشباحا تحاول الاتصال بنا ، أو : شاهدنا بئرا تغيض (١) فجأة ، أو : مطرا ينهمر فى يوم صحو (٢) ، أو : سيارة جديدة تتوقف عن المسير بغير سبب معروف ـ كان هذا أمرا باعثا للدّهش ، وانفعال (٣) النفس به ؛ واستعظامها إياه ؛ لخفاء سرّه عليها ، وعدم وجود نظير له ، أو قلة نظائره. وقد يعبر عنه الناس بأنه ؛ أمر عجيب ، أو : غريب ، أو : مثير ... ، أو نحو هذا من العبارات التى يريدون منها ما يسميه اللغويون : «التعجب» ، ويعرفونه بأنه : «شعور داخلى (٤) تنفعل به النفس حين تستعظم أمرا نادرا ، أو لا مثيل له ؛ مجهول الحقيقة (٥) ، أو خفىّ السبب» (٦). ولا يتحقق التعجب إلا باجتماع هذه الأشياء كلها.
أسلوبه :
له أساليب كثيرة (٧) تنحصر فى نوعين :
__________________
(١) يجف ماؤها.
(٢) لا غيم فيه ، ولا مطر ، ولا برد.
(٣) تأثّر.
(٤) وقد يترتب عليه ظهور آثار خارجية ؛ كالتى تبدو على الوجه ، أو غيره.
(٥) أى : الذات. بأجزائها التى تتركب منها.
(٦) لهذا يقال : إذا ظهر السبب بطل العجب ؛ ولهذا أيضا لا يوصف المولى جل سأنه بأنه متعجب ؛ إذ لا يخفى عليه شىء ، وإذا ورد فى كلامه ، أو فى الحديث الشريف ، أو غيرهما ما يدل على أنه يتعجب ، فالمراد : إما توجيه السامعين إلى إظهار العجب والدهشة ، وإما المراد : اللازم ؛ وهو الرضا والتعظيم ، أو : نحو ذلك من الأغراض البلاغية.
(٧) والغرض الأساسى من كل منها هو : «التعجب». لكن بعضها قد يتضمن أحيانا كثيرة التعجب وغرضا آخر معه ؛ هو : «المدح ، أو الذم» : كما سيتبين فى هذا الباب ، وفى باب «نعم وبئس» عند الكلام على الأفعال التى تجرى مجراهما ـ ص ٣٧٠ ـ.