الثانية : أن هذه الصيغة تختلف فى مدلولها وفى المراد منها عن صيغتى :
__________________
ـ واستصوب ...... وإذا أجيز التصحيح فى الأفعال فالإجازة فى الأسماء مقبولة ؛ لأن الأسماء فى هذا الباب محمولة على الأفعال ، فى الإعلال) ا ه.
هذا نص الاستفسار ، وقرار اللجنة والمؤتمر بشأنه ، (كما وردت نصوصها الحرفية فى ص ٥٠ من مجموعة البحوث ، والمحاضرات لمؤتمر المجمع ، فى دورته السادسة والعشرين ، سنة ١٩٥٩ ـ ١٩٦٠).
وإنى ألحظ فى هذا القرار غموضا وتعارضا يتطلبان التجلية والتوفيق. فالقرار ينص على أن القاعدة هى : الإعلال. وهذا حكم يقتضينا التمسك بالقاعدة ، وعدم الخروج عليها ، ما دامت قد استحقت اسمها : وما خالفها فشاذ يحفظ ولا يقاس عليه ـ كما يقولون ـ.
لكن القرار يعود بعد ذلك فيقول : وردت ألفاظ كثيرة فى اللغة بالتصحيح لا بالإعلال ... فما مراده بالكثرة؟ إن كانت قد بلغت الحد الذى يصح القياس عليه لم تكن القاعدة السالفة (وهى قاعدة : «الإعلال») فريدة يجب الاقتصار عليها ؛ وإنما تكون إحدى قاعدتين ، يجوز القياس على كل منهما ؛ هما : «التصحيح والإعلال». وإن كانت لم تبلغ حد الكثرة المطلوبة وجب الاقتصار على الأولى عند التطبيق ، واعتبار ما ورد من الثانية شاذا.
ثم ما المراد من أن الأصل يلجأ إليه أحيانا؟ أهذا الالتجاء واجب أم جائز؟ وما تحديد هذه الأحيان؟ ومن الذى له الحق فى تحديدها؟ ... و ...
وإذا كان بقاء الكلمة من غير إعلال أبين من غير شك (كما يقول القرار) فى الدلالة على المعنى من الإعلال ـ فلماذا نترك الأبين إلى غيره؟ وكيف يختار أئمة النحو ضابطا عاما يؤدى إلى غير الأبين مع ترك ما يؤدى إلى الأبين؟ وإذا كان الإعلال فى هذا الباب غير مستحكم (كما يقول القرار) فلم التمسك به ، وبناء القاعدة عليه؟ وإذا كان المنقول عن أبى زيد ـ كما يشير القرار ـ جواز التصحيح فى «أفعل» و «استفعل» ، فهل يجوز التعميم بحيث يشمل التصحيح غيرهما أيضا ، بالرغم من أن أبا زيد قصر الأمر عليهما دون غيرهما؟ وبالرغم أيضا مما قاله ابن جنى فى كتابه الخصائص (ح ١ ص ٩٩) ونقله السيوطى ـ وغيره ـ فى كتابه : «الأشباه والنظائر» وفى كتابه المزهر (ج ١ ص ١٣٦) عند الكلام على المطرد فى الاستعمال مع شذوذه فى القياس ؛ مثل : استحوذ واستصوب؟ فقد قال ما نصه : (اعلم أن الشىء إذا اطرد فى الاستعمال وشذ عن القياس فلابد من اتباع السماع الوارد فيه نفسه ، لكنه لا يتخذ أصلا يقاس عليه غيره ، ألا ترى أنك إذا سمعت استحوذ ، واستصوب ... أديتهما بحالهما ، ولم تتجاوز ما ورد به السماع فيهما إلى غيرهما ؛ ألا تراك لا تقول فى استقام استقوم ، ولا فى استساغ استسوغ ، ولا فى استباع استبيع ، ولا فى أعاد أعود ... لو لم نسمع شيئا من ذلك. قياسا على قولهم أخوص الرّمث ... ـ (الرمث : نبت حامض. وأخوص : صار كالخوص ـ) ... فهل يجوز التعميم برغم كل ما سبق مما نقلناه.؟
وما المراد من قول التقرير : إذا أجيز التصحيح فى الأفعال فالإجازة فى الأسماء مقبولة ...؟ فهل اطرد التصحيح فى الأفعال حتى تحمل عليه الأسماء فيه؟ وإذا كان مطردا أو كثيرا إلى الحد الذى يبيح قياس الأسماء عليه فلم منعه القدماء إلا فى المسائل المحدودة التى نصوا عليها؟ ... تلك هى بعض ـ