فكلمة : «جميل» ، فى الكلام السالف ـ وأشباهه ـ تدلّ على :
(١) معنى مجرد (أى : على وصف ، أو : صفة) ؛ هو : الجمال
(٢) وعلى صاحبه الموصوف به.
(٣) وعلى ثبوت ذلك المعنى له وتحققه ثبوتا زمنيّا عامّا. (يشمل الماضى والحاضر ، والمستقبل).
(٤) وعلى دوام الملازمة ، أو ما يشبه الدوام (١).
والناطق بتلك الكلمة إنما يريد الأمور الأربعة مجتمعة ، إن كان خبيرا باللغة ، وبدلالة الألفاظ فيها.
ومثل هذا يقال فى كلمة : «أبيض» ؛ فهى اسم مشتق يدل على ما يأتى :
(١) معنى مجرد (أى : وصف ، أو : صفة) ، هو : البياض.
(٢) الشىء الذى لا يقوم ولا يتحقق المعنى المجرد إلا بوجوده فيه (أى : الموصوف الذى يراد وصفه بصفة : «البياض») وهو هنا الشخص الذى نريد أن ننسب له تلك الصفة ؛ ونصفه بها.
(٣) أن ذلك المعنى المجرد (الوصف ، أو : الصفة) ، ثابت له متحقّق فى كل
الأزمنة ثبوتا عامّا ؛ فليس خاصّا بزمن من الثلاثة دون غيره ، أو بزمنين فالبياض ، يصاحب المتصف به فى ماضيه ، وحاضره ، ومستقبله.
(٤) أن هذا الثبوت العام يلازم صاحبه ، ولا يكاد يفارقه ، لأن مصاحبته إياه فى الأزمنة الثلاثة تقتضى أن يكون ملازما له أو فى حكم الملازم ، برغم أنه قد يفارقه حينا.
فالناطق بكلمة : «أبيض» فى التركيب السابق ـ ونظائره ـ إنما يريد بها الدلالة على تلك الأمور الأربعة مجتمعة ، إن كان يفهم أسرار العربية ، ويجيد اختيار الألفاظ التى توضح تلك الأسرار.
وما يقال فى كلمتى : «جميل» ، و «أبيض» ـ يقال فى : «حسن» و «حلو» ، ... و ... وأمثالهما ...
من كل ما تقدم يتبين المراد من قول النحاة فى تعريف الصفة المشبهة
__________________
(١) إلا إن وجدت قرينة تمنع الدوام وشبيهه ، كما سيجىء فى ص ٣٠٧. ـ وانظر رقم ١ من هامش ص ٢٩٣ ـ