بسبب استغناء الوصف عنه بضمير الموصوف ؛ فينصب مثلها ، ويصير : «الطبيب رائف القلب». ثم يجر بالإضافة ؛ فرارا من القبح البادى فى إجراء الوصف اللازم أو ما يشبهه مجرى المتعدى. (والمراد بما يشبهه (١) : الوصف المتعدى لمفعول واحد ، ومفعوله محذوف). فيصير : «الطبيب رائف القلب».
ويقولون فى تعليل هذه المراحل الثلاث (٢) المتخيلة : إنه لا يصح إضافة الوصف لمرفوعه مباشرة : ؛ لأنه عينه فى المعنى ؛ فيلزم إضافة الشىء إلى نفسه (٣) ، ولا يصح حذفه لعدم الاستغناء عنه ، فلم يبق طريق إلى إضافته لمرفوعه إلا ذلك الطريق الذى وضحنا مراحله. ويستدلون على الإضافة بكثير من الأمثلة المأثورة تؤيد (٤) رأيهم.
وكل هذا كلام افتراضى ؛ لا تعرفه طوائف العرب ؛ أصحاب اللغة ، ومرجعها الأول الصحيح. فإغفاله خير. ولن يترتب عليه ضرر.
ه ـ لا تجىء «صيغ المبالغة» إلا من مصدر فعل قابل للزيادة ، فلا يقال : موّات ولا قتّال ، فى شخص مات أو قتل ، إذ لا تفاوت فى الموت والقتل.
و ـ سيجىء (٥) أنه كثر فى الأساليب الفصيحة المسموعة استعمال صيغة : «فعّال» للدلالة على «النسب» ـ بدلا من يائه ـ وكثر هذا فى الحرف ؛ فقالوا : حدّاد لمن حرفته «الحدادة» ، ونجّار لمن حرفته «النجارة» .. وكذا : لبّان ، وبقال ، وعطّار. ونحوها من كل منسوب إلى صناعة. والأحسن الأخذ بالرأى القائل بقياس هذا فى النسب إلى الحرف ، لأن الكثرة الواردة منه تكفى للقياس عليه.
__________________
(١) انظر هامش ص ٢٦٧.
(٢) أشرنا فى آخر الهامش السالف إلى أن بعض هذه المراحل قد يمتنع ؛ طبقا لما سيجىء فى ص ٣٠٥.
(٣) وهذه حجة ضعيفة بعد ما تقدم فى ص ٤٠ وما بعدها من جواز هذه الإضافة.
(٤) سنعرض بعضها فى ص ٢٨٥ ونزيد الأمر وضوحا عند الكلام عليه فى الصفة المشبهة ص ٢٩٤.
(٥) فى ج ٤ باب : «النسب» م ١٧٩ «ح» من ص ٦٨٤.