على أنه شبيه بالمفعول به ، ولا يصلح تمييزا إن كان معرفة ، كما فى المثال. وإما الجر ، على أنه مضاف إليه. وهذه الأوجه الإعرابية الثلاثة هى التى تجرى على معمول الصفة المشبهة الأصلية (١) ، كالتى فى مثل : (فلان جميل الوجه ، حسن الهيئة ، حلو الحديث) ومن أمثلة هذا النوع :
ما الراحم القلب ظلّاما وإن ظلما |
|
ولا الكريم بمنّاع وإن حرما |
وفى هذا النوع من الإضافة إلى المرفوع يكثر حذف المفعول به ، الذى كان معمولا لاسم الفاعل قبل إضافته لفاعله ، وقبل أن يصير بهذه الإضافة صفة مشبهة. ويصح ذكر هذا المفعول به فى الرأى الراجح ـ مع إعرابه «شبيها بالمفعول به» ، لا مفعولا به أصيلا ، مثل : «(فلان راحم الأبناء الناس ، ونافع الأعوان أفرادا كثيرة). فكلمتا : «الناس» و «أفرادا» شبيهتان بالمفعول به. ولا داعى لمنع هذا الشبيه المنصوب من ذكره وظهوره فى الجملة ، بزعم أن منصوب الصفة المشبهة ـ إذا كان شبيها بالمفعول به ـ لا يزيد على واحد كما قرره النحاة. وقرارهم حقّ ؛ فمنصوبها الشبيه بالمفعول به لا يزيد على واحد. والذى فى المثال السابق ـ ونظائره ـ لم يزد على واحد. ولكنّ المانعين يتوهمون أن الواحد يشمل «المضاف إليه» بعد الصفة المشبهة ؛ لأن هذا «المضاف إليه» يجوز نصبه على التشبيه بالمفعول به قبل إضافته (٢) ، فاعتبروه بمنزلة «الشبيه بالمفعول به». برغم أنه : «مضاف إليه» مجرور ، وبنوا على هذا عدم صحة المنصوب
__________________
(١) لا يقال فى هذا النوع : إن فعله متعد فى أصله ؛ فكيف يصح تحويله إلى صفة مشبهة ، وهى لا تصاغ إلا من الثلاثى اللازم كما سبق؟
فقد أجابوا أن المراد باللزوم إما اللزوم : «الأصلى» (بأن يكون الفعل موضوعا فى أصله لازما) وإما اللزوم : «التنزيلى ، أو : الحكمى» (بأن يحذف مفعول الفعل المتعدى حذفا غالبا فى بعض حالاته كالتى هنا) وإما اللزوم : «التحويلى» (بأن يكون الفعل متعديا ولكنه يحول إلى صيغة «فعل» ـ بضم العين ، وهى صيغة لازمة ـ ؛ لغرض معين ، كالمدح ، أو الذم) ونتيجة الثلاثة واحدة ؛ هى أن التعدى غير معتبر هنا. فلا تنصب الصفة المشبهة المفعول به الأصيل كما ينصبه فعلها حين تكون منقولة عن اسم الفاعل ، ولكنها قد تنصبه على «أنه شبيه بالمفعول به» ، وليس مفعولا به ـ (كما سبق الإيضاح فى هامش ص ٢٤٢ ، وستجىء إشارة هنا ، وفى رقم ٤ من هامش ص ٣٠٦)
(٢) انظر رقم ٣ و٤ من ص ٣١٤.