المعنى المجرد ، وعلى المرّة معا ؛ نحو : أخذت من المال أخذة ـ قعدت على الأريكة قعدة ـ تجددت لنا فرحة بالنصر ، قمت بجولة حول المدينة. والمعنى : أخذة واحدة ـ قعدة واحدة ـ فرحة واحدة ـ جولة واحدة (١) ـ.
فإن كانت صيغة المصدر الأصلى موضوعة فى أصلها على وزن : «فعلة» : نحو : نظرة ـ هفوة ـ رأفة ـ صيحة ... لم تدلّ بنفسها فى هذه الصورة على المرّة ، ووجب زيادة لفظ آخر معها ليدل على «المرة» أو قيام قرينة أخرى تدل عليها. والغالب فى اللفظ الآخر أن يكون نعتا. فنقول مثلا : ربما تنفع النظرة الواحدة فى ردع المسىء ـ قد تعقب الهفوة الواحدة عواقب خطيرة ـ إن رأفة واحدة بضعيف قد تضمه إلى أعوانك المخلصين ـ أهلك الله بعض الغابرين بصيحة لم تتكرر (٢) ...
ولا بد فى صياغة «فعلة» الدالة على «المرّة» من تحقق شرطين : أن تكون لشىء حسّىّ ، صادر من الجوارح الظاهرة والأعضاء الجسمية ، وأن يكون ذلك الشىء المحسوس غير ثابت ؛ فلا تصح صياغة «فعلة» للدلالة على أمر معنوى عقلىّ محض ، كالذكاء ، أو : العلم ، أو : الجهل ، أو : النبوغ ... ولا تصح صياغتها من الأوصاف الثابتة ، كالظّرف ، والحسن. والملاحة ، والقبح ، والطول ، والقصر ...
وإن كان الفعل الماضى غير ثلاثى فالوسيلة للدلالة على المرة من مصدره الأصلى هى : زيادة تاء التأنيث فى آخر هذا المصدر مباشرة ، دون زيادة ، أو حذف ، أو تغيير آخر. مثل : «إنعام» مصدر الفعل الرباعى : «أنعم»
__________________
(١) ومن الشاذ المسموع قول العرب : حجّ فلان حجّة (بكسر الحاء) ـ ومنه. شهر ذى الحجّة فجاءوا بالمصدر الدال على المرة مصوغا على وزن : «فعلة» (بكسر ، فسكون) وهذه الصيغة هى الخاصة بالهيئة. وبالرغم من هذا السماع الوارد عنهم لا مانع أن نقول فى المرة : «حجّة» بفتح أول الكلمة تطبيقا لصيغة : «فعلة» الخاصة بالمرة ؛ عملا بالبيان المفيد الذى عرضناه فى ص ١٩١.
ومن المسموع أيضا رأيته رؤية (بوزن فعلة) مرادا بها المرة ، ولا مانع من استعمال القياس فيهما أيضا ـ راجع «تاج العروس» ، مادة : «حج». هذا ، وقد نقل ابن خالويه فى كتابه المسمى : «ليس فى كلام العرب» أن فتح الراء مسموع أيضا.
(٢) انظر آخر الملاحظة الآتية فى ص ٢٢٩.