الثانية :
أن يكون المصدر صالحا ـ فى الغالب (١) ـ للاستغناء عنه ، بأن يحل محله فعل من معناه ، مسبوق «بأن» المصدرية (٢) ، أو : «ما» المصدرية ، فيسبق الفعل «بأن» المصدرية حين يكون الزمن ماضيا ، أو مستقبلا. ويسبق «بما» المصدرية حين يكون ماضيا ، أو حالا ، أو مستقبلا ، ولكنها أوضح وأقوى فى الزمن الحالى ، حيث لا تصلح له «أن» ، (لأنها لا تصلح إلا للماضى والمستقبل (٣) ؛ بخلاف «ما» فإنها صالحة للثلاثة). فمن أمثلة الماضى : ساءنا بالأمس مدح المتكلم نفسه. التقدير : ساءنا بالأمس أن مدح المتكلم نفسه ، أو : ما مدح ... ومن أمثلة المستقبل : سنسرّ غدا باجتياز الاختراع مرحلة الاختبار. وقولهم :
تأنّ ، ولا تعجل بلومك صاحبا |
|
لعلّ له عذرا وأنت تلوم (٤) |
والتقدير : (... بأن يجتاز الاختراع مرحلة الاختبار ، أو : بما يجتاز ... ـ بأن تلوم صاحبا أو : بما تلوم صاحبا ....) ومثل : لا شىء أنقص للأحرار من إفشائهم الأسرار ، أى : من أن يفشوا الأسرار ، أو : مما يفشون ، ومن أمثلة الزمن الحالى : ينعشنا الآن إشاعة الشمس الدفء. والتقدير : ينعشنا الآن ما تشيع الشمس الدفء.
ومن هنا يتبين أن المصدر يصلح للعمل فى الأزمنة الثلاثة بالطريقة المفصّلة السالفة ؛ دون غيرها. والذى يعينه لنوع خاص منها هو : القرينة.
* * *
__________________
(١) انظر «ا» فى الزيادة الآتية.
(٢) «أن» المصدرية تشمل الناصبة للمضارع ، والمخففة من الثقبلة. مع ملاحظة أن الناصبة لا تقع فى مواضع ، منها : عدم وقوعها بعد ما يدل على اليقين. أما الناسخة فتقع.
(وقد سبقت الإشارة فى الجزء الأول ص ٤٨٤ م ٥٣ إلى علامة كل واحدة ، وموضع استعمالها ، وسيجىء فى الجزء الرابع فى باب : «إعراب الفعل ... ونواصبه»).
(٣) وهى تدخل على الماضى فيبقى زمنه على حاله. وعلى المضارع فيصير خالصا للاستقبال.
(٤) الذى يعين المصدر للمستقبل هنا ما فى البيت من صيغة الأمر والنهى ، وهما للمستقبل المحض فيجب مسايرة المصدر لهما فى نوع الزمن.