يعمل المصدر عمل الفعل (١) فى حالتين :
الأولى : أن يحذف الفعل ، وينوب عنه مصدره فى تأدية معناه ، وفى التعدّى واللزوم ، وكثير من أنواع العمل ، نحو قول الشاعر :
يا قابل التوب. غفرانا مآثم ، قد |
|
أسلفتها ، أنا منها خائف وجل |
وقول الآخر :
شكرا لربك يوم الحرب نعمته |
|
فقد حماك بعز النصر والظّفر |
ونحو : تعظيما والديك ، وتكريما أهلك ، وإشفاقا على ضعيفهم المحتاج. والأصل : اغفر مآثم (٢) ... ـ اشكر لربك ـ عظم والديك ـ كرم أهلك ، وأشفق على ضعيفهم. فحذف فعل الأمر وجوبا ، وناب عنه مصدره ، فعمل عمله فى رفع الفاعل المستتر هنا ، وفى نصب المفعول به ، إن كان الفعل المحذوف ينصب مفعولا به ؛ كالفعلين : عظّم ، وكرّم ، وفى أكثر الأعمال الأخرى التى يعملها الفعل ؛ كالعمل فى النعت ، وكتعلق الجار والمجرور به فى المثال الأخير ، وكغيرهما من باقى المعمولات ؛ فكل هذا يعمله المصدر النائب عن فعله المحذوف وجوبا. (وقد سبق (٣) تفصيل الكلام على هذا الموضع ، وبيان الحذف الجائز فيه والواجب ، والقياسىّ وغير القياسى ، وكيفية إعراب هذا المصدر وباقى معمولاته ، وكل ما يتصل به من هذه النواحى المختلفة ..)
__________________
(١) يخالف المصدر فعله فى أمور ؛ أهمها : أن المصدر لا يعمل إلا بالشروط التى سنذكرها ، وأن فاعله يكثر حذفه جوازا ، وإذا حذف لا يتحمل المصدر ضمير المحذوف ؛ إلا إذا كان المصدر نائبا عن فعله (على الوجه المشروح فى باب المفعول المطلق ج ٢ ص ١٧٨ م ٧٦).
أما رفع المصدر لنائب الفاعل فالمختار جوازه عند أمن اللبس ، نحو : عجبت من قياس بالطيارة الصحراء ، ومن إقامة فيها معامل النّفط. أى : من أن تقاس الصحراء بالطيارة ، وأن تقام معامل النفط فيها. بخلاف الفعل ، فإنه يعمل وجوبا بغير شرط ، ويتحمل وجوبا ضمير مرفوعه المحذوف ؛ فاعلا كان أو نائب فاعل.
(٢) أى : ذنوبا ؛ (المفرد : مأثم ؛ بمعنى : إثم ؛ وهو : الذنب).
(٣) فى ج ٢ ص ١٧٨ م ٧٦ موضوع : «حذف عامل المصدر ، وإقامة المصدر نائبا عنه».