__________________
ـ فى الجزء الأول ص ٢٠٩ م ٢٢ فى علم الجنس ... ،
وقد قلنا إن المصدر لا بد أن يشتمل على كل حروف فعله الماضى ، أو على أكثر منها. والمراد اشتماله عليها لفظا أو تقديرا. فاللفظى أن تكون جميع الحروف موجودة منطوقا بها ؛ نخو : أخذت أخذا ـ تعلم الصبى تعلما ـ والتقديرى : أن يكون الحرف محذوفا قد عوض عنه حرف آخر ، كمجىء تاء التأنيث فى آخر المصدر عوضا عن واو الفعل ، فى مثل وعد ، عدة ، وكالتاء أيضا حين تكون فى أوله عوضا ، مثل سلم تسليما ، وعلّم تعليما ؛ فإن إحدى اللامين حذفت من المصدر وجاءت فى أوله التاء عوضا. أو يكون الحرف محذوفا للتخفيف وكثرة الاستعمال ، مع ظهوره أحيانا فى بعض اللهجات واللغات ؛ مثل : ضارب ضرابا ـ قاتل قتالا ... والأصل : ضيرابا وقيتالا ؛ فقلبت الألف ياء لوقوعها بعد الكسرة ، ثم حذفت تخفيفا ، ومن العرب من كان يظهرها.
ومثال اشتمال المصدر على حروف أكثر من حروف فعله الماضى : إكرام ، وإجمال ـ وأشباههما فإنهما مصدران للفعلين : «أكرم وأجمل» وقد زيد فى وسط كل مصدر منهما الألف. ومثل : «فرقان» مصدر «فرق» فقد زيد فى وسطه الألف. ومثل الألف التاء فى كلمة : «معاونة» مصدر : عاون.
ب ـ وأما اسم المصدر (وهو مقصور على السماع) فقالوا فى تعريفه : «إنه ما ساوى المصدر فى الدلالة على معناه ، وخالفه بخلوه لفظا وتقديرا من بعض حروف عامله ـ الفعل ، أو غيره ـ دون تعويض».
وذلك كعطاء ؛ فإنه مساو لإعطاء فى المعنى ، ومخالف له بنقص الهمزة الأولى لفظا وتقديرا من غير أن يعوض عنها شىء. فإن خلا منه لفظا ولم يخل تقديرا فليس اسم مصدر ؛ وإنما هو مصدر ـ كما تقدم ـ مثل كلمة قتال ؛ فإن أصلها : قيتال ، على الوجه الذى شرحناه فى هذه الصفحة ، وإن خلا منه لفظا ولكن مع تعويض عنه فليس باسم مصدر ، وإنما هو مصدر أصيل ؛ نحو : عدة ، مصدر الفعل «وعد» فقد حذفت الواو ، وجاءت التاء فى آخر الاسم عوضا عنها ؛ كما قلنا آنفا. فلابدّ فى اسم المصدر من نقص بعض حروفه الأصلية أو الزائدة. وأن يكون النقص بغير تعويض عنه ، وبغير وجود المحذوف مقدرا. إن الفرق اللفظى بين المصدر الأصلى واسم المصدر واضح مما سبق (ولا سيما قصر «اسم المصدر» على السماع ، أما المصدر الأصلى فمنه القياسى ومنه السماعى ..) ولكن الفرق المعنوى بينهما فى حاجة إلى تجلية وإبانة. فما معنى : «أن اسم المصدر يساوى المصدر فى الدلالة على معناه»؟
ذهب النحاة فى الإيضاح مذاهب لا تخلو من غموض أو نقص. ولعل خيرها ما جاء فى كتاب : «الأشباه والنظائر» للسيوطى ، منسوبا لابن النحاس : قال ما نصه : (الفرق بينهما أن المصدر فى الحقيقة هو الفعل الصادر عن الإنسان وغيره ؛ كقولنا : إن كلمة : «ضرب» هى مصدر فى قولنا : يعجبنى ضرب زيد عمرا. فيكون مدلوله : «معنى» (يقصد : أن مدلول كلمة «المصدر» ومفهومها وسماها ، هو أمر معنوى محض ، وأنه هو المصدر حقيقة ، لا مجازا. أما اللفظ المذكور فى الجملة ، المركب من حروف هجائية معينة ، فليس بالمصدر الحقيقى) وسمّوا ما يعبر به عنه مصدرا ، «مجازا» ، (أى : تسمية مجازية ، لا حقيقية) ـ نحو : «ضرب» فى قولنا : إن : «ضربا» مصدر منصوب ، إذا قلت : ضربت ضربا ؛ فيكون مسماه لفظا). ا ه. ـ