__________________
ـ بخلاف المصدر المؤول ؛ فإنه يدل على زمن ، وغيره ـ كما سبق فى ج ١ ص ٣٠٢ م ٢٩ ـ ومما يزيد الأمر وضوحا : ما يأتى :
(١) حين نقول : «تحسن» أو : «يتحسن» أو : «تحسن» نجد كل كلمة مستقلة من هذه الكلمات لا بد أن تدل على أمرين معا ؛ هما : المعنى المحض السالف (أى : الحدث المجرد) والزمان (ماضيا ـ أو حالا ـ أو مستقبلا ... و ...) ولا يمكن أن تؤدى أمرا واحدا دون الآخر ؛ ولذلك لا تسمى : «مصدرا» ، وإنما تسمى : «فعلا». فالمصدر الصريح ـ غير الدال على المرة أو الهيئة ـ يؤدى شيئا واحدا من شيئين يؤديهما الفعل ، وهذا الشىء الواحد هو ما سوى الزمان. وفيه يقول ابن مالك فى بيت سبق شرحه (فى باب المفعول المطلق ج ٢ ص ١٥٥ م ٧٤).
المصدر اسم ما سوى الزّمان من |
|
مدلولى الفعل ؛ كأمن من أمن |
(٢) وأننا حين نقول : «متحسّن» نفهم من هذه الكلمة ـ دون الاستعانة بغيرها ـ أمرين معا ؛ وهما : المعنى المحض (أى : الحدث المجرد) الذى أوضحناه ، و «الذات» أى : المادة المجسدة المجمدة ، أو : «الجسم» الذى يتصف بالتحسن ، فلابد من المعنى والذات معا. ولهذا لا تصلح كلمة «متحسن» لأن تسمى : «مصدرا» ولا فعلا ، وإنما تسمى : اسم فاعل ... ـ وسيجىء الكلام عليه فى ص ٢٣٨ ـ.
(٣) وفى مثل : أعطيت المحتاج عطاء يكفيه ، نجد كلمة : «عطاو» تدل على معنى مجرد محض ، ولا تدل معه على شىء آخر. ولكنها لا تشتمل على جميع الحروف التى فى فعلها المذكور فى جملتها ؛ إذ الهمزة الأولى غير موجودة لفظا ولا تقديرا. ومن هنا لا نستطيع أن نسمى كلمة : «عطاء» مصدرا للفعل الماضى : «أعطى» وإنما نسميها : «اسم مصدر» ؛ وسنعرفه هنا. ومثلها : كلمة «سلام» و «عون» فى نحو : سلمت على اللاجىء سلام الأخ ، وعاونته عون الشقيق ؛ فإن كل واحدة منهما لا تصلح مصدرا للفعل المذكور معها (برغم أنها تصلح لغيره) لأن حروفها خالية لفظا وتقديرا من بعض حروف فعلها ، فكلمة : «سلام» تشتمل على «لام» واحدة مع أن فعلها المذكور فى جملتها مشتمل على لام مشددة تعد لامين. وكلمة : «عون» خالية من الألف التى فى فعلها المذكور معها ، فكلاهما ليس مصدرا ، وإنما يسمى : «اسم مصدر» ـ وسيجىء فى الصفحة الآتية إيضاحه ، وأنه سماعى ـ.
(٤) وفى مثل : دهن وكحل ـ بضم أولهما ـ من كل ما يشتمل على حروف فعله ولكنه ذات لا نسميه مصدرا.
(٥) وفى مثل : برّة ؛ بمعنى : البرّ ، وسبحان بمعنى : التسبيح ، وحماد ، بمعنى : الحمد ـ نجد هذه الكلمات وأشباهها ، تدل على الحدث المجرد ، ولا تدل معه على ذات ، ولا زمان ، ولا غيره ولكننا لا نستطيع أن نسميها «مصادر ؛ لأن كل واحدة منها صارت علم جنس» يدل على المعنى الخاص به ؛ فكلمة : «برة» علم جنس على «البرة» بمعنى : البر ، و «سبحان» علم جنس على : التسبيح ، و «حماد» علم جنس على : الحمد ؛ فهى ونظائرها أسماء مصادر (سبق الكلام عليها ـ