المسألة ٩٩ :
إعمال المصدر ، واسمه (١).
__________________
(١) عرفنا ـ فى ص ١٨١ و١٩٣ ـ أن المصدر إذا أطلق كان المراد المصدر الصريح الأصلى دون المؤول وغيره من المصادر الميمية والصناعية ، وأوجزنا القول عن المصدر واسمه فى (ج ٢ ص ١٧٤ م ٧٥) لمناسبة هناك تتصل بالمفعول المطلق ؛ ووعدنا أن نوفيهما فى هذا الجزء.
فأما صيغ المصدر القياسية والسماعية ، وطريقة صياغة القياسى منها ، وأوزانها وكل ما يتصل بذلك ـ فله باب خاص أعده النحاة لذلك ، بعنوان : «باب أبنية المصادر» ـ وقد سبق فى ص ١٨١ م ٩٨ ـ وأما تعريفه وإعماله وأحكامه فنعود الآن لبسط الكلام عليها. (ويلاحظ أن «اسم المصدر» مقصور على السماع).
ا ـ فالمصدر الصريح الأصلى : (أى : غير المؤول ، وغير الميمى ، والصناعى ، كما قدمنا فى ص ١٨١ ، وأشرنا إليه هنا) هو : (الاسم الذى يدل ـ فى الغالب ـ على الحدث المجرد ، ويشتمل على كل الحروف الأصلية والزائدة التى يشتمل عليها الفعل الماضى المأخوذ منه. وقد يشتمل هذا المصدر على أكثر منها دون أن يشتمل على الميم الزائدة فى أوله ، وهى التى يبتدئ بها «المصدر الميمى» ، ودون أن يختم بالياء المشددة تليها تاء التأنيث ، وهما اللذان يختم بهما المصدر الصناعى».
وهذا التعريف ـ وهو بمعنى التعريف الذى سبق فى ص ١٨١ ـ يتضمن أمرين معا ؛ أحدهما : يتعلق بدلالته المعنوية ، والآخر : يتعلق بصيغته اللفظية. فأما من ناحية دلالته المعنوية فإنه يدل فى الغالب على مجرد الحدث. أى : يدل على أمر معنوى محض ، لا صلة له بزمان ، ولا بمكان ، ولا بذات ، ولا بعلمية ، ولا بتذكير ، أو تأنيث ، ولا بإفراد ، أو تثنية ، أو جمع أو غيره ـ إلا إن كان دالا على «مرة ، أو هيئة» كما سيجىء فى ص ٢٢٥ ـ.
وأما من ناحية تكوينه اللفظى فلابد أن يكون جامدا مشتملا على جميع حروف فعله الماضى ، أو على أكثر منها ـ كما سبق ، وكما تجىء أمثلته ـ ولا يمكن أن ينقص عنه فى الحروف. خذ مثلا المصدر : «تحسّن» فإنه يدل على أمر عقل محض ، ندركه بعقولنا ، ولا نستطيع أن نحسه بحاسة من حواسنا ؛ إذ لا وجود لشىء فى خارج عقولنا يقال له : «تحسّن» يمكننا أن نراه ، أو نلمسه ، أو نسمعه ، أو نذوقه ، أو نشمه. فليس له وجود مادى تقع عليه إحدى الحواس ؛ وإنما وجوده محصور فى الذهن وحده ، وهذا معنى كونه حدثا مجردا ، أو أمرا معنويا محضا ، أو نحو هذا من الأسماء. ثم إن هذا اللفظ الجامد (وهو : تحسّن) لا يدل على زمن مطلقا (ماض ، أو حال ، أو مستقبل) ، ولا يدل كذلك على مكان ، ولا ذات (وهى : الجسم ، أو : المادة المجسدة.) وليس علما على شىء خاص معين ، يدل عليه كما يدل العلم على صاحبه. فكل أمره مقصور على الدلالة المعنوية السابقة. وهو إلى ذلك مشتمل على جميع حروف فعله الماضى : تحسّن» ومن أجل هذا كله يسمى : «مصدرا» لانطباق التعريف عليه. ـ