__________________
ـ خاصة. فليس بد من الأخذ الحر بما استنبطه ثقات العلماء الحاذقين ، والاستناد إلى ما قالوه ؛ فإذا قرّروا ـ مثلا ـ أن مصدر الفعل الماضى الرباعى الذى على وزان : «فعّل» هو : «التفعيل» وجب الإيمان بما قرروا ؛ فنقول فى مصادر : قوّم ـ علّم ـ كسّر ـ كرّم ـ ... وأمثالها : تقويم ـ تعليم ـ تكسير ـ تكريم ... و ... وهكذا من غير بحث عنه فى كلام عربى قديم. أو فى مرجع لغوى ، أو غيره ... فلا داعى لهذا البحث مع وجود القاعدة وانطباقها. وإذا قالوا : إن مصدر الفعل الثلاثى المتعدى هو : «فعل» وجب الاطمئنان لقولهم ، والأخذ به ، وتطبيقه ـ فى غير تردد ـ على كل فعل ثلاثى متعد ، نريد الوصول إلى مصدره ، نحو : سمع سمعا ـ فهم فهما ـ كتب كتبا ـ ونظائر هذا من مئات ـ بغير رجوع إلى مرجع لغوى أو غير لغوى ، ولو كان الرجوع إليه لا يكلفنا جهدا ، أو وقتا ، أو مالا. وبهذه الطريقة المثلى نجنب أنفسنا الشطط ، ونوقيها مساءة العاقبة التى تترتب على إهمال رأى الثقات البارعين من العلماء المتخصصين المتفرغين إهمالا يستحيل معه أن تستقيم أمور اللغة ، أو يستقر لها وضع صالح ، وحياة قوية ناهضة. فالواجب أن نعتمد على القاعدة فى الوصول إلى المصدر القياسى ، للفعل ، ولا نبالى بعد ذلك أله مصدر سماعى آخر أم لا؟
وما سبق مستمد من أقوال أئمة كبار يقررون : «أن استعمال المصدر القياسى جائز وإن سمع غيره» وفى مقدمتهم : «الفراء» الذى وصفه الإمام اللغوى النحوى : «ثعلب» ـ كما جاء فى مقدمة كتاب معانى القرآن ، للفراء ـ أحد أئمة الكوفة ـ بقوله : (لو لا الفراء لما كانت عربية : لأنه خلصها وضبطها. ولو لا الفراء ما كانت عربية ؛ لأنها كانت تتنازع ، ويدعيها كل من أراد ، ويتكلم الناس فيها على قدر عقولهم وقرائحهم فتذهب ...) والذى وصفه عالم آخر (كما جاء فى معجم الأدباء ـ ج ٢٠ ص ١١٠) بقوله : «لو لم يكن لأهل بغداد من علماء العربية إلا الكسائى والفراء لكان بهما الافتخار على جميع الناس». ا ه. وقيل عنه أيضا ـ كما جاء فى تهذيب التهذيب ، ج ١١ ص ٢١٢ ـ «الفراء أمير المؤمنين فى النحو». ا ه ، وفى تاريخ بغداد : «(كان يقال : النحو الفراء ، والفراء أمير المؤمنين فى النحو.)». وقد وصفه بحق أحد أعضاء المجمع اللغوى القاهرى. بأنه «إمام الكوفيين ، ووارث علم الكسائى ، ولا تثريب علينا إذا أخذنا بمذهبه» ـ راجع ص ١٠٨ من محاضر جلسات الدور الرابع ـ.
ومنهم العبقرى : «ابن جنى». فى كتابه الخصائص (ج ١ ص ٣٦٢ و٣٦٧ و٤٣٩ ،) ومن أوضح النصوص فى هذه الصفحات ما جاء فى ص ٣٦٧ من الباب الذى عنوانه : (باب فى اللغة تؤخذ قياسا) «وقد سجلته مجلة المجمع اللغوى فى أحد أعدادها وسجلته محاضر جلساته فى دور الانعقاد الرابع ص ٤٥. وسجلناه فى آخر الجزء الثانى من كتابنا. ثم هو صاحب المذهب الذى أخذه عن المازنى ، ونصه ـ كما ورد فى ص ٤٤ من تلك المحاضر ، وفى ج ١ ص ٣٦٧ من كتابه ـ : «ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب». وهو القائل : «(ليس كل ما يجوز فى القياس يخرج به سماع ، فإذا حذا إنسان على مثالهم ، وأم مذهبهم ، لم يجب عليه أن يورد فى ذلك سماعا ، ولا أن يرويه رواية.)». ومثل هذا ما جاء ـ