بالإعرابين الأولين ، أفضل ، لبعدهما عن التكلف ، والتعقيد ، والضعف.
ويصح فى كلمة : «غدوة» الجر على اعتبار «لدن» مضافا أيضا و «غدوة» هى المضاف إليه المجرور.
أما «عند» فلا ينقطع عن الإضافة إلا إذا ترك الظرفية وصار اسما محضا ؛ كأن يقول شخص : «عندى مال». فيقول له آخر : «وهل لك عند»؟ فكلمة «عند» هنا مبتدأ مرفوع. ومثل : «الكتاب عندى». فيقال : «هل يصونه عندك»؟ فكلمة : «عند» فاعل مرفوع. وهى فى المثالين ـ وأشباههما ـ اسم خالص الاسمية ، لا علاقة له بالظرفية.
السادس : أن «لدن» لا يكون إلا فضلة ؛ لأنه ظرف غير متصرف (فهو مقصور على النّصب على الظرفية ، أو الخروج منها إلى الجر بمن) بخلاف «عنا» فإنه قد يكون عمدة فى مثل : «السفر من عند البيت». فالجار والمجرور هما ـ أو متعلقهما ـ الخبر. ولما كان الخبر عمدة ، وكلمة : «عند» جزء منه وقد اشتركت فى تكوينه ، صارت مشتركة ـ تبعا لذلك ـ فى وصفه بأنه عمدة. ولا يصح أن يقال : «السفر من لدن البيت» ، لأن هذا يخرج «لدن» من نوع الفضلة إلى العمدة (١).
* * *
__________________
ـ مكرم عليا. فإن «نون لدن» تثبت تارة وتحذف أخرى ، كنون التنوين فى اسم الفاعل فعملت عمله ... و ... (راجع المطولات ومنها شرح التصريح فى هذا الباب والموضع.) وهو كلام جدلى محض ، بعيد عن الواقع الحق. وقد ذكرناه ليطلع عليه المتخصصون ، ثم يهملوه إن شاءوا. لأن السبب الحق هو كلام العرب.
(١) وفى «لدن» يقول ابن مالك :
وألزموا إضافة «لدن» فجر |
|
ونصب «غدوة» بها عنهم ندر |
يريد : أن العرب ألزموا لفظ «لدن» الإضافة ، فجر المضاف إليه. (يشير بهذا إلى أن عامل الجر فى الإضافة هو المضاف نفسه) ثم استدرك فقال : إنه قد يتجرد من الإضافة وينصب فى النادر كلمة معينة ، هى : «غدوة» دون غيرها.