الضّحا. ويصح فى المثالين وضع الظرف : «عند» مكان «لدن». ولكن استعمال «عند» فى بدء الغاية الزمنية قليل ، وهو ـ مع قلته ـ قياسى ؛ كالحديث الشريف : الصبر عند الصدمة الأولى. وقولنا : السفر عند الساعة الثامنة.
و «لدن» ، و «عند» يختلفان ـ بعد هذا ـ فى أمور ، أشهرها ستة : الأول : أن «لدن» ظرف يكاد يلازم الدلالة على بدء الغايات. وقد يستعمل أحيانا للدلالة على مجرد الحضور. أما «عند» فيستعمل كثيرا فى الدلالة على بدء الغايات ، وفى الدلالة على الحضور المجرد ، مثل : جلست عندك. فإنّ تحقّق معنى الجلوس لا يقتضى ابتداء مكانيّا معينا ، أى : لا يستلزم تعيين نقطة البدء المكانى ؛ إذ لو كان له ابتداء مكانىّ لوجب أن يكون له انتهاء مكانى أيضا ؛ لعدم وجود ابتداء بغير انتهاء. فأين مكان انتهاء الجلوس فى المثال السابق وأشباهه؟ لا وجود له. وعلى هذا لا ابتداء له أيضا. فمن القليل أن يقال : جلست من لدنك. وتشدّد بعض النحاة فمنعه ، وليس بممنوع ؛ ولكنه قليل جائز.
الثانى : أن «لدن» مبنى على السكون فى أكثر لغات العرب. أما «عند» فمعرب عندهم.
الثالث : أن «لدن» قد يتجرد للظرفية المباشرة (١) ، ولكن الأغلب أن يخرج منها إلى «شبه الظرفية» ؛ بالجر «بمن» (فيكون ، مبنيّا على السكون فى محل جر «بمن») (٢). أمّا «عند» فينصب كثيرا على الظرفية المباشرة ، أو يجر «بمن». والغالب أنه لا يدل على بدء الغايات إلا إذا كان مسبوقا بهذا الحرف الجار ، فإن لم يكن مسبوقا به كان ـ فى الغالب ـ للدلالة على مجرد الحضور ، لا لبدء الغاية. وجرّه «بمن» على كثرته قليل بالنسبة لجر «لدن» به.
الرابع : أن «لدن» يضاف (٣) للمفرد ـ كالأمثلة السالفة ـ ويضاف
__________________
(١) فيكون مبنيا على السكون فى محل نصب.
(٢) ومن الأمثلة لهذا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها ، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً.)
(٣) وهو مضاف مع بنائه.