والآخر وسيلة إليه لا يكون مقصودا أصالة» «وهذا اختيار ابن كمال باشا» وقد علق هذا القول على الثبوت.
وقال السيوطى فى الأشباه والنظائر : قال الزمخشرى فى شأنهم : يضمنون الفعل معنى فعل آخر ؛ فيجرونه مجراه ، ويستعملونه استعماله ، مع إرادة معنى المتضمن. قال : والغرض فى التضمين إعطاء مجموع معنيين. وذلك أقوى من إعطاء معنى. ألا ترى كيف رجع معنى (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) ، إلى قولك ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم ـ (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) ، أى : ولا تضموها إليها آكلين. اه.
قال الشيخ سعد الدين التفتازانى فى حاشية الكشاف : فإن قيل الفعل المذكور إن كان مستعملا فى معناه الحقيقى فلا دلالة على الفعل الآخر ، وإن كان فى معنى الفعل الآخر فلا دلالة على معناه الحقيقى. وإن كان فيهما جميعا لزم الجميع بين الحقيقة والمجاز.
قلنا : هو فى معناه الحقيقى مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية ؛ فمعنى يقلب كفيه على كذا : نادما على كذا ، ولا بد من اعتبار الحال ، وإلا كان مجازا محضا لا تضمينا. وكذا قوله (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) تقديره : معترفين بالغيب (انتهى).
وقال ابن يعيش : الظرف منتصب على تقدير «فى» وليس متضمنا معناها حتى يجب بناؤه لذلك ، كما وجب بناء نحو : «من وكم» فى الاستفهام. وإنما «فى» محذوفة من اللفظ لضرب من التخفيف ، فهى فى حكم المنطوق به. ألا ترى أنه يجوز ظهور «فى» معه. نحو قمت اليوم وقمت فى اليوم. ولا يجوز ظهور الهمزة مع من وكم فى الاستفهام ، فلا يقال أمن ولا أكم. وذلك من قبل أن «من وكم» لما تضمنا معنى الهمزة صارا كالمشتملين عليها. فظهور الهمزة حينئذ كالتكرار. وليس كذلك الظرف ، فإن الظرفية فيه مفهومة من تقدير «فى» ولذلك يصح ظهورها.
ثم ذكر أن ابن جنى قال فى التضمين : «ووجدت فى اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به ، ولعله لو جمع أكثره لا جميعه لجاء كتابا ضخما.