الفعل ، بشرط أن يوصله به حرف الجر الأصلى ـ ، أو ما ألحق به ـ. والنحاة يسمون هذا الفعل (١) «عاملا». ويقولون أيضا :
إن حرف الجر الأصلى (٢) ـ وما ألحق به ـ بمثابة قنطرة توصل المعنى بين العامل والاسم المجرور ، أو بمثابة رابطة تربط بينهما ؛ ولا يستطيع العامل أن يوصل أثره إلى ذلك الاسم إلا بمعونة حرف الجر الأصلى ـ وما ألحق به ـ ؛ فهو وسيط ، أو وسيلة للاتصال بينهما (٣) ومن أجل هذا كان حرف الجر الأصلى ـ وملحقه ـ مؤديا معنى فرعيّا وهو فى الوقت نفسه أداة من أدوات تعدية الفعل اللازم لمفعول به معنى (أى : حكما). مثال آخر : قعد الرجل ... ، أقعد فى البيت ، أم فى السفينة ، أم فى الحقل ...؟ فمعنى الفعل : «قعد» فى حاجة إلى تكملة فرعية تدعو للإتيان بالجار الأصلى مع مجروره ؛ فإذا قلنا : قعد الرجل فى السفينة ... انكشف المعنى الكامل للفعل : «قعد» بسبب اتصاله بالسفينة ، وكان هذا الاتصال بمساعدة حرف الجر الأصلىّ ، إذ ليس من الممكن أن نقول : قعد الرجل السفينة ؛ بإيقاع المعنى على السفينة مباشرة بغير حرف الجر ؛ لأن الاستعمال العربى الصحيح يأبى ذلك ؛ برغم شدة احتياج العامل ـ وهو هنا الفعل : «قعد» ـ إلى كلمة : «السفينة» ليوقع عليها أثره المعنوى. لكنه عاجز عن أن يوصله إليها بنفسه ؛ فجاء حرف الجر الأصلى وسيطا للجمع بينهما ، ومعينا على تذليل تلك الصعوبة ، ووصل بين معنى الفعل والاسم المجرور بعده. فهو ـ بحق ـ أداة اتصال بينهما ؛ ولذا يعدّ وسيلة من وسائل تعدية الفعل اللازم إلى مفعول به تقديرا ، زيادة على ما يجلبه معه من معنى فرعى
__________________
(١) وكذا ما يشبهه.
(٢) إلا الحرف : «على» الذى للإضراب (كما سيجىء فى رقم ٤ من هامش ص ٤٠٧ ـ و ١ من هامش ص ٤١٢ وص ٤٧٢).
(٣) ولهذا يسميها بعض النحاة : «حروف الإضافة» ، ـ كما أشرنا فى رقم ١ من هامش ص ٤٠١ ـ لأنها إذا كانت أصلية (كما جاء فى بعض المطولات ومنها : المفصل ج ٢ ص ١١٧) تضيف إلى الأسماء المجرورة بها معانى الأفعال وشبهها من كل ما يقع عليه التعلق به ، ولو لم يوجد الحرف الأصلى ما تحققت الفائدة الفرعية التكميلية ، ولا صح الأسلوب بعد حذفه وحده وإبقاء مجروره السابق ـ فى غير المواضع التى يصح فيها حذفه ، ويظل ملحوظا بالرغم من حذفه ، ومعتبرا كالمذكور ـ ، بخلاف غير الأصلى ؛ فإن حذفه وحده لا يفسد الأسلوب ، وفائدته إما جديدة مستقلة لا يقصد منها أن تتمم نقصا فى غيرها ، وهذا هو الشبيه بالزائد ، وإما مؤكدة لمعناه وهذا هو الزائد ـ كما سيجىء فى ص ٤١٧ ـ لهذا كان ما يسمونه : «التعلق» بالعامل مقصورا على حرف الجر الأصلى مع مجروره ـ وكذا ما ألحق به ـ.