كثرت إجادته وفى مثل : أنت أحسن خلقا ، نقول : أنت حسن خلقك ... وهكذا. ومثال التمييز الذى ليس بفاعل فى المعنى : علىّ أفضل جندىّ ، وميّة أفضل شاعرة. وضابط هذا النوع أن يكون أفعل التفضيل بعضا من جنس التمييز ؛ فيصح أن يوضع مكان أفعل التفضيل كلمة : «بعض» مضافة ، والمضاف إليه جمع يقوم مقام التمييز ويحل فى مكانه ؛ فلا يفسد المعنى ، ففى المثال السابق نقول : علىّ بعض الجنود ، وميّة بعض الشاعرات. وإذا لم يصح أن يكون فاعلا فى المعنى وجب جره بالإضافة ـ كما قلنا ـ ، لوجوب إضافة أفعل التفضيل إلى ما هو بعضه (١) (متابعة للرأى الأشهر).
وإنما يجب الجر بالإضافة بشرط أن يكون أفعل التفضيل غير مضاف لشىء آخر غير التمييز. فإن كان مضافا وجب نصب التمييز ؛ نحو : علىّ أفضل الناس إخوة ـ وميّة أفضل النساء أشعارا.
ومما تقدم نعلم أن تمييز أفعل التفضيل يجب نصبه فى حالتين وجره فى واحدة. ومن تمييز الجملة الذى يجب نصبه ، ولا تصح إضافته (٢) : ما يقع بعد التعجب القياسىّ ، أو السماعى (٣) ؛ فالأول ، نحو : ما أحسن الغنىّ مشاركة فى الخير ـ أحسن بالغنىّ مشاركة فى الخير ـ والثانى نحو : لله در العالم مخترعا (٤) ـ حسبك به
__________________
(١) كما سيجىء فى بابه بالجزء الثالث م ١١٢ ص ٣٣٨. وفى هذه الصورة يقول ابن مالك :
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا |
|
مفضّلا ؛ كأنت أعلى منزلا |
(٢) فيمتنع جره بالإضافة حتما ، دون جره بمن فى بعض الصور ـ كما سيجىء فى رقم ٤ من هذا الهامش.
(٣) القياسى يكون بإحدى الصيغتين المخصصتين له ، وهما : ما أفعله ، وأفعل به. (وسيجىء الكلام المفصل عليهما فى مكانه من الجزء الثالث باب : «التعجب»). أما التعجب بغيرهما فمقصور على السماع ، ويقال له : التعجب العرضى. وفى هذه الصورة يقول ابن مالك :
وبعد كلّ ما اقتضى تعجّبا |
|
ميّز ، كأكرم بأبى بكر أبا |
وذكر بعد هذا البيت بيتا سبق أن نقلناه وشرحناه بمناسبة أخرى فى ص ٣٩٢ ؛ هو :
واجرر بمن إن شئت غير ذى العدد |
|
والفاعل المعنى ؛ كطب نفسا تفد |
(٤) يجوز فيه وفيما بعده جره بمن بملاحظة ما سبق فى رقم ١ من هامش ص ٣٩٠ وما سيجىء فى «ح» من الزيادة ص ٣٩٧ ـ والدر : اللبن ، أى : أن اللبن الذى ارتضعه هذا الرجل ونشأ عليه ، لبن غير معتاد ولا مألوف ، إنما هو لبن موضع العجب ، إذ أنشأ هذا الرجل الذى لا مثيل له ؛ فهو لبن خاص من عند منشىء العجائب. ومبدعها الأول وهو : الله. (راجع رقم ٢ من هامش ص ٢١ و ٣١ ح من ص ٣٩٧ من هذا الجزء ، ثم الجزء الأول ص ٤٥٨ م ٣٨. من الطبعة الثالثة).