فى غير هذه المواضع التى تمتنع فيها الواو يكون الربط بالواو وحدها ، أو بالضمير وحده ، أو بهما معا. وقد سبقت الأمثلة لكل هذا (١).
وإذا كانت جملة الحال ماضوية مثبتة وفعلها متصرف ورابطها الواو وحدها وجب مجىء «قد» بعد الواو مباشرة (٢) ؛ نحو : انصرفت وقد انتزى ميعاد العمل ، فإن كان الرابط هو الضمير وحده ، أو الواو والضمير معا فالأحسن مجىء «قد» أيضا.
وتمتنع «قد» مع الماضى الممتنع ربطه بالواو ـ وقد سبق بيانه ـ كالماضى التالى «إلا» الاستثنائية التى تفيد الإيجاب عند من يمنع ربطه بالواو (٣) ، أو الذى بعده : «أو».
* * *
__________________
(١) اقتصر ابن مالك على حالة واحدة من الحالات التى تمتنع فيها الواو ، سجلها بقوله :
وذات بدء بمضارع ثبت |
|
حوت ضميرا ، ومن الواو خلت ـ ٢١ |
يريد : أن الجملة المضارعية المثبتة الواقعة حالا تحوى الضمير الرابط وتخلو من الواو المستعملة فى الربط ؛ لأن هذه الواو لا تصلح للربط هنا. ثم بين أن الجملة المضارعية الحالية المسبوقة بالواو ينوى ويقدر لها بعد هذه الواو مبتدأ محذوف ، خبره الجملة المضارعية ؛ فتكون مسندة له. يقول :
وذات واو بعدها انو مبتدا |
|
له المضارع اجعلنّ مسندا ـ ٢٢ |
وما عدا هذه الحالة التى اقتصر عليها يجوز فيه الربط بالواو فقط ، أو بالضمير فقط ، أو بهما معا ؛ فيقول :
وجملة الحال سوى ما قدّما |
|
بواو ، أو بمضمر ، أو بهما ـ ٢٣ |
(٢) لتقرب زمنها من الحال ، وهذا هو الرأى المختار. ويرى فريق آخر من النحاة لزوم : «قد» مع الماضى المثبت ؛ سواء أكان الرابط هو الواو ، أم الضمير ، أم هما معا.
لكن يقول «أبو حيان» م نصه :
(الصحيح جواز وقوع الماضى حالا بدون قد» ولا يحتاج لتقديرها ؛ للكثرة. وردّ ذلك ، وتأويل الكثير ، ضعيف جدا ، لأنا إنما نبنى المقاييس العربية على وجود الكثرة) اه. ـ راجع «الهمع» ح ١ ص ٢٤٧ آخر باب الحال ـ
وهذا الرأى حسن ، وفى الأخذ به تيسير تؤيده النصوص الكثيرة المسموعة كما يقول أبو حيان ـ ومن وافقه ـ ومن تلك النصوص قوله تعالى : (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) وقوله تعالى : (... أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ....)
هذا ، ولا تدخل «قد» على الجملة الماضوية التى فعلها جامد ؛ كأفعال الاستثناء (ليس. ـ خلا ـ عدا ـ حاشا) ـ كما سبق فى رقم ٢ من هامش ص ٣٢٩. ـ
(٣) انظر ما يختص بهذا فى رقم ٥ من هامش ص ٣٧٠.