العاشر : انقسامها باعتبار جريانها على صاحبها أو عدم جريانها إلى قسمين ؛ حقيقية وسببيّة (١).
فالحقيقية : هى التى تبين هيئة صاحبها مباشرة ؛ كالأمثلة التى مرت فى أكثر الموضوعات السالفة ، ومثل : فزع العصفور من المطر مبتلّا. فكلمة «مبتلّا» حال. تبين هيئة صاحبها نفسه ؛ وهو : «العصفور» وقت فزعه. ولا تبين هيئة شىء آخر غير العصفور نفسه ، ـ كعشه ، أو شجرته ، أو صاحبه ، أو طيور أخرى ـ ومثل : وقف المصلى خاشعا. فكلمة : «خاشعا» حال تبين هيئة صاحبها مباشرة ؛ وهو : المصلى ، ولا شأن لها بغيره ...
ولا بد أن تطابق الحال الحقيقية (٢) صاحبها فى التذكير ، والتأنيث والإفراد ، والتثنية والجمع.
والسببية : هى التى تبين هيئة شىء له اتصال وعلاقة بصاحبها الحقيقى ، أىّ علاقة ، دون أن تبين هيئة صاحبها الحقيقى مباشرة ؛ مثل : فزع العصفور من المطر مبتلا عشّه ، ومثل : وقف المصلى خاشعا قلبه. فكلمة : «مبتلا» حال ، كما كانت ، وصاحبها هو : «العصفور» كما كان ، أيضا. ولكن الحال هنا لا تبين هيئة صاحبها الحقيقى : «العصفور» ، وإنما تبين هيئة : «العش» وللعش صلة وعلاقة بصاحبها ؛ فهو مسكن العصفور ومأواه. كذلك المثال الثانى ، فكلمة : «خاشعا» حال ، وصاحبها الحقيقى هو : المصلى. ولكنها لا تبين هيئته ، وإنما تبين شيئا له صلة وعلاقة به ؛ هو : قلبه ؛ فإن قلبه جزء منه.
ومن أمثلة السببية : كتبت الصفحة مستقيمة خطوطها ، سمعت المغنية عذبا صوتها ، وسمعت القارئ واضحة نبراته.
ولا بد فى الحال السببية أن ترفع اسما ظاهرا مضافا لضمير يعود على صاحب الحال كالأمثلة السالفة ، وأن تكون مطابقة لهذا الاسم المرفوع بها ، فى التذكير والتأنيث ، والإفراد ، دون التثنية والجمع ، إذ الأحسن أن تلتزم معهما الإفراد ؛ نحو : سكنت البيت جيدا هواؤه ، واسعة غرفه ، جميلا مدخلاه ، نظيفة مسالكه ... (٣)
__________________
(١) وهذا الموضوع هو الذى سبقت له الإشارة العابرة فى رقم ١ من هامش ص ٣٥٩ وتفصيل الكلام على صاحب الحال يجىء فى الصفحة التالية.
(٢) ما لم يمنع من وجوب المطابقة مانع لغوىّ ، مما سيجىء فى موضعه ؛ ولمطابقة الحال لصاحبها موضوع مستقل ؛ فى ص ٣٧٧.
(٣) وكما فى «ب» من ص ٣٧٨.