وعن عاملها أيضا. وأن العامل فى هذه الحال محذوف وجوبا ، وكذلك صاحبها. ففى المثال السابق : «خليل أبوك عطوفا» ، يكون التقدير : أحقه ، أو : أعرفه ، أو : أعلمه ، أو نحو ذلك. وهذا التقدير حين يكون المبتدأ كلمة غير ضمير المتكلم ، فإن كان ضميرا للمتكلم وجب اختيار الفعل أو العامل المقدر مناسبا له ، أى : أحقّنى ـ أعرفنى ـ أعلم أنى ... ولا بد أن تكون هذه الحال متأخرة عنه أيضا.
أما الغرض (١) من التوكيد بالحال فقد يكون بيان اليقين نحو : أنت الرجل معلوما ، أو الفخر ، نحو : أنا فلان بطلا ، والتعظيم ؛ نحو : أنت العالم مهيبا ، أو التحقير ؛ نحو : هو الجانى مقهورا ؛ أو التصاغر ؛ نحو : ربّ أنا عبدك فقيرا إليك ؛ أو التهديد والوعيد ، نحو : فلان قاهر للأبطال قادرا على الفتك بك (٢) ...
* * *
التاسع : انقسامها بحسب الإفراد وعدمه إلى مفردة ، وجملة ، وشبه جملة. ثم الكلام على ما تحتاج إليه الجملة الحالية من رابط :
فالمفردة : ما ليست جملة ولا شبهها ، نحو : أشرب الماء صافيا (٣) ـ
__________________
ـ ولا تكون الحال مؤكدة لمضمون الجملة. وقد قلنا فى رقم ١ من هامش ص ٣٤١ إن بعض النحاة اشترط الجمود المحض ؛ ليخرج : هو الأسد مقداما ؛ فإنها مؤكدة لعاملها ؛ وهو : «الأسد» ؛ لتأوله بالشجاع ، وليست مؤكدة لمضمون الجملة ، لأن هذه الحال ليست جامدة محضة ، كما يشترط. وقد آثرنا هناك إهمال رأيه ، والأخذ بالرأى الذى يكتفى بمجرد الجمود للأسباب التى أوضحناها.
(١) يتبين هذا الغرض بالقرائن المنضمة للكلام
(٢) فيما سبق يقول ابن مالك :
وعامل الحال بها قد أكّدا |
|
فى نحو : لا تعث فى الأرض مفسدا ـ ١٨ |
بها : أى : بالحال. ثم قال فى الحال المؤكدة لمضمون الجملة :
وإن تؤكّد جملة فمضمر |
|
عاملها ولفظها يؤخّر ـ ١٩ |
أى : أن العامل مضمر (أى : محذوف) إذا كانت الحال مؤكدة للجملة ، وأن لفظ الحال يؤخر وجوبا عن الجملة ، وعن عاملها المحذوف ، هو وصاحبها.
(٣) ومن الحال المفردة بعض ألفاظ مركبة سماعا (فلا يجوز القياس عليها) وهى ألفاظ وردت عن العرب مركبة ، ومبنية : ـ على الأصح ـ على فتح الجزأين فى محل نصب ، باعتبارها حالا ، ولا تكون غير حال. ومنها : تفرق الأعداء شغر بغر ، أى : متفرقين. وكذلك شذر مذر ، بمعنى : متفرقين أيضا ـ