السابع : انقسامها بحسب الزمان إلى : مقارنة ، ومقدّرة (١) (مستقبلة) ... فالمقارنة هى التى يتحقق معناها فى زمن تحقق معنى عاملها ، وحصول مضمونه ؛ بحيث لا يتخلف وقوع معنى أحدهما عن الآخر ، نحو : (أقبل البرىء فرحا ، ـ هذا يسوق السيارة الآن محترسا) ـ فزمن الفرح ، والاحتراس ، هو زمن وقوع معنى الفعلين : أقبل ـ يسوق.
والمقدّرة ، أو المستقبلة (٢) : هى التى يتحقق معناها بعد وقوع معنى عاملها ، أى : بعد تحقق معناه بزمن يطول أو يقصر ؛ فحصول معنى الحال هنا متأخر عن حصول مضمون عاملها ؛ نحو : سيسافر بعض الطلاب غدا إلى البلاد الغربية ؛ موزّعين فيها ، متدرّبين فى مصانعها. ثم يعودون عاملين فى مصانعنا ؛ فزمن التوزع والتدرب متأخر عن السفر ، الذى هو زمن حصول العامل ، ومستقبل بالنسبة له. وكذلك العمل متأخر عن العودة. وكقوله تعالى فى الإنسان : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ ، إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) فكلمة «شاكرا» حال ، وزمن وقوعه متأخر ـ حتما ـ عن زمن عامله (وهو الفعل : هدى) ، وكلمة : «كفورا» معطوف عليه ، وهو حال مثله. وكذلك قوله تعالى للصالحين أهل الجنة : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) ، وقوله تعالى : (فَادْخُلُوها خالِدِينَ،) فكلّ من الأمن والخلود متأخر فى زمنه عن زمن الدخول لا محالة (٣) ...
__________________
(١) سيجىء ـ فى رقم ٣ من هذا الهامش ـ نوع ثالث يذكره بعض النحاة ويعارض فيه آخرون.
(٢) وهى التى أشرنا إليها فى رقم ٢ من ص ٣٣٩.
(٣) أما النوع الثالث الذى يسميه بعض النحاة : «الحال المحكية» فحال وقع معناها قبل النطق بها ؛ نحو : نزل المطر أمس فياضا ، واندفع فى طريقه جارفا. وقد عارض ـ بحق ـ كثرة النحاة فى هذا القسم وفى أمثلته بحجة قوية ؛ هى أن العبرة إنما تكون بمقارنة الحال وقت تحقق معناها وحين وقوعها ووجودها ـ لزمن العامل وتحقق معناه ـ كالتى هنا ، وليست لزمن المتكلم. هذا إلى أن الأمثلة المعروضة (وأشباهها) وقد جاءت فيها «الأحوال» مشتقات نوعها اسم فاعل ، واسم الفاعل حقيقة فى الزمن الحالى ، عند عدم القرينة التى توجهه لزمن غير الحال. فالتعبير به عن الماضى ، يعتبر مجازا ويسمى «حكاية حال ماضية».
وهذه الحجة صحيحة ، وبرغم صحتها لا أهمية للخلاف. لأن الغرض المطلوب هو الحكم على مثل تلك «الأحوال» بالصحة والبعد عن الخطأ. وقد ثبت أن ذلك الاستعمال صحيح والأسلوب سليم ، فلا أهمية بعد ذلك لأن يكون الاستعمال الصحيح حقيقيا أو مجازيا وإن كانت قلة الأقسام ـ من غير ضرر ـ أمرا محمودا.