(د) أن تكون الحال دالة على ترتيب ؛ نحو ادخلوا الغرفة واحدا واحدا (١). أو : اثنين اثنين ، أو : ثلاثا ثلاثا ... والمعنى : ادخلوها : مترتّبين. وضابط هذا النوع : أن يذكر المجموع أوّلا مجملا ، مشتملا ـ ضمنا ـ على جزأيه المكررين ، ثم يأتى بعده تفصيله مشتملا ـ صراحة ـ على بيان الجزأين المكررين.
ومن أمثلته : يمشى الجنود ثلاثة ثلاثة. أو أربعة أربعة ... ينقضى الأسبوع يوما يوما ، وينقضى الشهر أسبوعا أسبوعا. وتنقضى السنة شهرا شهرا ، وهكذا (٢).
ومن مجموع الكلمتين المكررتين تنشأ الحال المؤولة ؛ الدالة على الترتيب ولا يحدث الترتيب من واحدة فقط. لكن الأمر عند الإعراب يختلف ؛ إذ يجب إعراب الأولى وحدها هى الحال من الفاعل ـ كما فى الأمثلة السالفة ـ أو من المفعول به ، أو من غيره على حسب الجمل الأخرى التى تكون فيها.
أما الكلمة الثانية المكررة فيجوز إعرابها توكيدا لفظيّا للأولى ، كما يجوز ـ وهذا أحسن ـ أن تكون معطوفة على الأولى بحرف العطف المحذوف «الفاء» أو : «ثمّ» ـ دون غيرهما من حروف العطف (٣) ـ ، فالأصل : ادخلوا الغرفة
__________________
(١) يكثر اليوم أمثال هذه الأساليب المشتملة على التكرار العددى المفيد للترتيب ، وقد منعها بعض النحاة ، تبعا للحريرى فى كتابه : «درة الغواص» حيث صرح بأنه لا يجوز : جاءوا واحدا واحدا ، ولا اثنين اثنين ، لأن العرب ـ فى رأيه ـ عدلوا عن ذلك إلى : «أحاد ، ومثنى ؛ وأخواتهما» ، وهجروا المعدول عنه.
وقد تعقبه الشهاب الخفاجى ، وعلق على ذلك الرأى ، مثبتا بالأدلة والشواهد القاطعة ابتعاده عن الصواب ، وأن رأى الحريرى هو الخطأ الذى لا سند يؤيده ، وأن ذلك التكرير كثير فى كلام العرب ، فهو قياسى. وكذلك صرح بعض شراح «الكافية» بأن أسماء العدد المستعملة للتكرير المعنوى بلفظها مطردة.
مما سبق يتبين أنه لا داعى لمنع تلك الأساليب ، ولا للجدل حول قياسيتها. (كما ستجىء الإشارة فى ج ٤ ص ١٧٢ م ١٤٦).
(٢) فالمجموع المجمل هو : (واو الجماعة ـ الجنود ـ الأسبوع ـ الشهر ـ السنة ...) ولهذه الأساليب صلة بما يشبهها من نحو : ثناء ومثنى ، وثلاث ومثلث و... و... مما سيجىء بيانه فى ج ٤ ص ١٧١ م ١٤٦ عند الكلام على منع الصرف للوصفية والعدل.
(٣) لأن هذين الحرفين هما اللذان يدلان على الترتيب ، دون باقى حروف العطف.