كالأمثلة السالفة ـ وإلى «جامدة» وهى القليلة ، ولكنها مع قلتها قياسية فى عدة
مواضع
(ا) أن تقع الحال «مشبّها به» فى جملة تفيد التشبيه إفادة تبعيّة غير مقصودة لذاتها. نحو : ترنم المغنّى بلبلا ـ سارت الطيارة برقا ـ هجم القط أسدا. فالكلمات الثلاث : (بلبلا ـ برقا ـ أسدا) أحوال منصوبة مؤولة بالمشتق ، أى : سارّا ـ سريعة ـ جريئا. وكل حال من الثلاث يعدّ بمنزلة المشبه به. (أى : كالبلبل ـ كالبرق ـ كالأسد) ، ولا يعتبر مشبها به مقصودا حقيقة ، لأن التشبيه ليس المقصود الأول هنا ؛ إنما المقصود الأول هو المعنى الحادث عند التأويل بالمشتق.
(ب) أن تكون الحال دالة على مفاعلة : (بأن يكون لفظها أو معناها جاريا على صيغة «المفاعلة» ؛ وهى صيغة تقتضى ـ فى الأغلب ـ المشاركة من جانبين أو فريقين فى أمر) ، نحو ؛ سلمت البائع نقوده مقابضة ؛ أو سلمت البائع النقود يدا بيد ؛ فكلمة : «مقابضة». حال جامدة ، ولفظها على صيغة : «المفاعلة» مباشرة ، ومعناها : «مقابضين» وهذا يستلزم اشتراك البائع والمتكلم فى عملية القبض. ولهذا كانت الحال هنا مبينة هيئة الفاعل والمفعول به معا ، أى : أن صاحب الحال هو الأمران.
__________________
ـ أراد : مفهم فى حال كذا ... فكلمة : «حال» هنا لا تنون ؛ لأنها مضاف ، والمضاف إليه محذوف على نية الثبوت ، أى : فى حال كذا ـ كما سبق ـ. ذلك أن قولك : جاء محمود راكبا ، يفيد المعنى الذى فى : جاء محمود فى حال الركوب ، وهو بيان هيئة صاحبه. وهذا معنى قولهم : الحال على معنى : «فى». ثم قال بعد ذلك :
وكونه منتقلا ، مشتقّا |
|
يغلب. لكن ليس مستحقّا ـ ٢ |
أى : هذا الكون الذى سرده ووصفه بالانتقال والاشتقاق ـ ليس مستحقا. فهو كثير لا واجب
(١) لأنها ليست قلة ذاتية مردها قلة استعمال العرب لها ، وإنما مردها أنها قلة بالنسبة للمشتقة.
فهى كثيرة فى ذاتها بغير نظر لقسيمتها. (انظر معنى «القلة» فى الأشمونى ج ٢ «باب الإضافة» عند بيت ابن مالك : «وربما أكسب ثان أولا ...» وستجىء إشارة لها فى ص ٤٢٢ ويجىء الإيضاح فى ح ٣ رقم ١ من هامش ص ٧٤ م ٩٤).
(٢) الأهمية الأولى إنما هى لصحة وقوع الحال جامدة فى هذه المواضع ، أما التأويل وعدمه فلا أهمية له.