كتائب النمل مهاجرة ـ ... و... فكل حال من الثلاثة : (ضاحكا ـ مشتعلا ـ مهاجرة ...) غير دائم ، وإنما يوجد مدة تقصر أو تطول ، ثم ينقطع. «فالضحك» لا يلازم صاحبه إلا مدة محددة ، وكذلك : «الاشتعال» ، أو «المهاجرة».
والثابتة : هى التى تبيّن هيئة شىء تلازمه ـ غالبا ـ ولا تكاد تفارقه ، وتتحقق الملازمة فى إحدى صور ثلاث :
(ا) أن يكون معناها التأكيد. وهذا يشمل :
١ ـ أن يكون معناها مؤكّدا مضمون جملة قبلها ، بشرط أن يكون هذا المضمون أمرا ثابتا ملازما فى الغالب ، فيتفق معنى الحال ومضمون الجملة ؛ ويترتب على هذا أن تكون الحال ثابتة ملازمة صاحبها تبعا لذلك ؛ نحو : خليل أبوك رحيما ، «فرحيما» حال من «أب» الذى هو صاحبها الملازمة له. ومعناها ـ وهو : «الرحمة» ـ يوافق المعنى الضمنى للجملة التى قبلها. وهو : «أبوة خليل» ، لأن هذه الأبوة لا تتجرد من الرحمة ، كما أن المعنى الضمنى للجملة هو معنى الحال ، إذ مضمون : «خليل أبوك» أنه رحيم ؛ بداعى الأبوة التى تقتضى الرحمة والشفقة ـ كما سلف ـ فلهذا كان معنى الحال مؤكدا مضمون الجملة التى قبلها. والحال فيها ملازمة صاحبها.
ويشترط فى هذه الجملة التى قبلها أن تكون اسمية ، وأن يكون طرفاها (وهما : المبتدأ والخبر) معرفتين ، جامدتين (١). ولا بد أن تتأخر الحال عنهما معا وعن عاملها ، وأن يحذف عاملها وصاحبها (٢) وجوبا ؛ طبقا للتفصيل الذى سيأتى ...
__________________
(١) اشترط بعض النحاة أن يكون هذا الجمود محضا ، بحيث لا يتأول الجامد بالمشتق ؛ احترازا من مثل : «على الأسد مقداما» ؛ لأن «الأسد» مؤول بالشجاع ؛ فيكون الجامد المؤول بالمشتق هو العامل فى الحال ، وتصير الحال مؤكدة لعاملها ، لا لمضمون الجملة. أما الجامد الذى لا يتأول عندهم فمثل : «على أخوك رحيما» ، بزعم أن الأخوة لا تستلزم الرحمة ، بخلاف الأبوة. هذا رأيهم وتحقيقه عسير ؛ إذ لا يكاد يوجد جامد لا يمكن تأويله ـ كما يقول كثير من النحاة ـ انظر رقم ٣ من هامش ص ٣٤٧ ـ حتى المثال الذى عرضوه ـ ونظائره ـ ولعل هذا كان السبب فى أن شرطهم ورأيهم لم يذكره بل لم يوافق عليه ـ فريق آخر من النحاة ، كصاحب التوضيح ؛ كما يدل عليه مثاله وهو : (زيد أبوك عطوفا) وكما يصرح شارحه بأنه مخالف للرأى السالف. (راجع التوضيح وشرحه عند تقسيمه الحال إلى مؤسسة ومؤكدة) وقد ذكر الأشمونى وغيره مثال التوضيح أيضا فى أول باب الحال ، ثم فى الحال المؤكدة.
(٢) وهذا على اعتبار أنها حال من الضمير المحذوف مع العامل كما سيجىء فى ص ٣٥٧ و ٣٦٥ و ٣٧٠.