ولست ممن إذا يسعى لمكرمة |
|
يسعى وأنفاسه بالخوف تضطرب |
فالمعنى الأساسى لا يتم لو حذفت الحال : «كسالى» أو : «جبارين» أو : «أنفاسه تضطرب»؟ والثانية (وهى الحال التى يفسد معنى الجملة بحذفها) ؛ مثل : ليس الميت من فارق الحياة ، إنما الميت من يحيا خاملا لا نفع له ؛ فلو حذفنا الحال ، وقلنا : الميت من يحيا ـ لوقع التناقض الذى يفسد المعنى. ومثل كلمة : «لاعبين» فى قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ.) فلو حذفت الحال (لاعبين) لفسد المعنى أشد الفساد (١) ...
هذا ، وما يبين الحال هيئته من فاعل ، أو مفعول به ، أو : منهما معا ؛ أو : غيرهما ، يسمى : «صاحب الحال» (٢).
والتعريف السابق مقصور على الحال «المؤسّسة» دون «المؤكدة» ، لأن المؤسسة هى التى تبين هيئة صاحبها ، أما المؤكدة فلا تبين هيئة. ومثال الأولى : ارتمى السارق صارخا. ومثال الثانية : ولّى الحزين منصرفا ، وسيجىء بيانهما وتفصيل الكلام عليهما قريبا(٣).
* * *
أقسام (٤) الحال ، والكلام على كل قسم :
تتعدد أقسام الحال بتعدد الاعتبارات المختلفة التى ينبنى عليها التقسيم. وفيما يلى أشهر هذه الاعتبارات ، وما تؤدى إليه.
الأول : انقسام الحال باعتبار ثبات معناها انقسام الحال باعتبار ثبات معناها وملازمته (٥) شيئا (٦) آخر ، أو عدم ذلك ـ إلى «منتقلة» ، وهى الأكثر ، «وثابتة» ، وهى الأقل.
فالمنتقلة : هى التى تبين هيئة شىء (٧) مدة مؤقتة ، ثم تفارقه بعدها ، فليست دائمة الملازمة له : مثل : أقبل الرابح ضاحكا ـ أسرع البرق مشتعلا ـ شاهدت
__________________
(١) انظر رقم ٣ من ص ٣٨٠.
(٢) يجىء الكلام عليه مفصلا فى ص ٣٧٤ م ٨٥.
(٣) فى ص ٣٦٥.
(٤) يسميها بعض النحاة أقساما ، ويسميها آخرون أوصافا ، ويسميها فريق ثالث : نواحى الحال ... و... ولا أهمية لاختلاف التسمية ما دام المراد واحدا ؛ وهو الكلام على الحال بحسب الاعتبارات المتصلة بها.
(٥) وسبب هذه الملازمة وجود علاقة مبعثها العقل ، أو الطبع ، أو العادة ، ولو لم تكن الملازمة دائمة فى بعض الأحيان ـ كما جاء فى حاشية ياسين فى هذا الموضع ـ.
(٦ و ٦) وهو : صاحبها.