أو منهما معا ، أو من غيرهما (١) ـ وقت وقوع الفعل (٢). كالكلمات التى تحتها خط فى الأمثلة المعروضة.
وتعرف دلالته على الهيئة بوضع سؤال كهذا : كيف كان شكل البدر حين ظهر؟ أو : كيف كانت صورته؟ فيكون الجواب : هو لفظ الحال السابقة ؛ أى : كاملا ، أو : مستديرا ... و... و... وكذا الباقى.
وليس من اللازم أن تكون الحال فى كل الاستعمالات وصفا ، وإنما هذا هو الغالب (٣) ، ولا أن تكون فضلة ؛ فهذا غالب أيضا ، إذ تكون بمنزلة العمدة أحيانا فى إتمام المعنى الأساسى للجملة ، أو فى منع فساده ؛ فالأولى ؛ كالحال التى تسدّ مسد الخبر (٤) ، فى مثل : امتداحى الغلام مؤدّبا ؛ فإن المعنى الأساسى ـ هنا لم يتم إلا بذكر الحال. وكالحال فى قوله تعالى : (... وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) وقوله تعالى : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ،) وقول الشاعر :
__________________
(١) أى : يبين هيئة صاحبه ، كالفاعل ، وكالمبتدأ ، أو الخبر ، أو اسم النواسخ. ولا قيمة للاعتراض على مجىء الحال من المبتدأ ، أو من اسم الناسخ ، أو مما ليس فاعلا ، أو مفعولا ، أو نحوهما ؛ ذلك لأن من يرفضونه لا يرفضونه للسبب القويم الصحيح ، وهو عدم الاستعمال العربى الأصيل ، وإنما يرفضونه لأنه لا يتفق مع مظهر من مظاهر السلطان الذى وهبوه للعامل ، كأن يقولوا فى منع مجىء الحال من المبتدأ : إن العامل فى المبتدأ هو : «الابتداء» ، فلو جاءت الحال من المبتدأ لكان المبتدأ هو عاملها ؛ فيختلف العاملان وأحدهما عامل فى الحال ، والآخر عامل فى صاحبها. مع أن العامل ـ عندهم ـ فى الحال لا بد أن يكون هو نفسه العامل فى صاحبها أيضا ـ طبقا للبيان الآتى فى رقم ٣ من هامش ص ٣٥٤ ـ والغريب أن المأثور الكثير من كلام العرب الخلّص لا يوافقهم ، ولا يؤيدهم ، مع كثرته ـ بدليل صحة قولهم : أعجبنى عطاء المحسن مبتسما ، وسرنى صوت القارئ خاشعا. ولهذا يخالفهم ـ بحق ـ «سيبويه» وفريق معه.
وإن ما يرفضونه ظاهرا صريحا ، يقبلونه على نية التأويل ؛ فكأن مجرد النية يبيح المحظور ؛ بالرغم من أن اللفظ الذى يؤولونه لن يتغير فى ظاهره ، وصريح الأسلوب لن يطرأ عليه تبديل. وهذا موضع من مواضع الشكوى. ولعله السبب الذى حمل بعض النحاة المحققين ؛ ـ كالرضى ـ على رفض اعتراضهم ، ونبذ رأيهم المخالف رأى سيبويه (كما جاء فى الخضرى ج ١ والصبان وغيرهما ـ فى باب الحال عند بيت ابن مالك : «وعامل ضمن معنى الفعل ، لا ...») وعلى أن يقول : «إن رأى سيبويه هو الحق ، ولا ضرورة تدعو للرأى المخالف».
وإذا كان المحظور يباح بمثل هذه النية وجب ترك الناس أحرارا فى محاكاة الكثير المأثور من الكلام العربى الصحيح ، وفى القياس عليه. ومن شاء بعد ذلك أن يتأول فليفعل. فالمهم هو ترك اللفظ على حاله الظاهر الموافق للوارد. ومن حمل نفسه بعد ذلك مشقة التأويل فهو حر وإن كانت المشقة بغير فائدة.
(٢) هذا هو الغالب. وقد يكون زمن الحال مقدرا (أى : مستقبلا ، وسيجىء البيان فى ص ٣٦٤).
(٣) كما سيجىء فى ص ٣٤٢.
(٤) سبق شرحه فى ج ١ ص ٣٨٥ م ٣٩ باب المبتدأ والخبر.