فمعنى «زرعت الحقول ليس حقلا» : ليس هو من المزروع ؛ أى : ليس بعض الحقول المزروعة حقلا. فالمزروع «كلّ» استثنى (١) بعضه.
ولا بد أن يكون هذا النوع من الاستثناء تامّا متصلا ، موجبا أو غير موجب كما فى الأمثلة المذكورة ... وتعرب الجملة المشتملة على الناسخ واسمه وخبره فى محل نصب حالا (٢) ، أو تعتبر جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب ، ولا علاقة لها بما قبلها من الناحية الإعرابية فقط ؛ أما من الناحية المعنوية فبينهما ارتباط (٣).
(ب) وأما الأدوات التى تكون أفعالا تارة ، وحروفا تارة أخرى ـ فهى ثلاثة : عدا ـ خلا ـ حاشا (وفى الأخيرة لغات (٤) أشهرها : حاشا ـ حشا ـ حاش ...). ومعنى كل أداة من هذه الأدوات الفعلية : «جاوز». ويتعين عند استعمالها أفعالا أن يكون الاستثناء بها تامّا متصلا ، موجبا أو غير موجب ؛ كالشأن فى جميع أدوات الاستثناء إذا كانت أفعالا ؛ فإنها لا تصلح للمفرّغ ، ولا المنقطع. ١ ـ فإن تقدمت على كل منها «ما» المصدرية وجب اعتبارها أفعالا ماضية خالصة ـ ولا تكون هنا إلا ماضية جامدة ؛ (فهى جامدة فى حالة استعمالها أدوات استثناء) مثل : أحب الأدباء ما عدا الخدّاع ـ وأقرأ الصحف ما خلا التافهة ، وأشاهد تمثيل المسرحيات ما حاشا السوقية ، غير أن تقدّم «ما» المصدرية على «حاشا» قليل ؛ حتى قيل إنه ممنوع. ويحسن الأخذ بهذا الرأى.
وحكم المستثنى فى الصور السالفة التى تتقدم فيها «ما» المصدرية وجوب النصب ، باعتباره مفعولا به لفعل الاستثناء المذكور فى الجملة ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره : «هو» ، يعود على «بعض» مفهوم من «كل» يدل عليه المقام ـ كما سبق ـ أمّا المصدر المؤول من «ما» المصدرية والجملة
__________________
(١) إذا لم يكن فى الكلام فعل ملفوظ أو مشتق يشبهه فى الإرشاد إلى ما يرجع إليه الضمير ، أمكن تصيده من فحوى العبارة ؛ ففى مثل : القوم إخوتك ليس عليا ـ يكون التقدير : ليس هو عليا ؛ أى : ليس المنتسب إليك بالإخوة عليا.
(٢) ولا تجىء «قد» المشروطة ـ عند كثير من النحاة ـ فى الجملة الماضوية المثبتة الواقعة حالا ؛ لأن هذا الشرط فى غير الجمل الماضوية التى أفعالها جامدة ، ومنها الأفعال الواقعة فى الاستثناء ، مثل : ليس خلا ـ عدا ـ حاشا (كما سيجىء فى رقم ٢ من هامش ص ٣٧٢) لهذا لا يصح مجىء «قد» هنا.
(٣) يصح إعراب آخر على اعتبار مخالف لما سبق. والبيان يجىء فى الزيادة والتفصيل ص ٣٣٣.
(٤) ولها أنواع تجىء فى ص ٣٣٥.