المسألة ٨٣ :
أحكام المستثنى الذى أدواته أفعال (١) خالصة ،
والذى أدواته تصلح أن تكون أفعالا (٢) وحروفا ...
(ا) فأما الأدوات التى هى أفعال خالصة فتنحصر فى فعلين ناسخين (٣) جامدين ؛ هما : «ليس» و «لا يكون». (بشرط وجود «لا» النافية قبل هذا الفعل المضارع ، الذى للغائب ، دون غيرها من أدوات النفى) ، ولا يصلح من أفعال «الكون» أداة للاستثناء إلّا هذا المضارع الجامد ، المنفى بالحرف : «لا» ، الدال على الغائب ؛ مثل : زرعت الحقول ليس حقلا ، أو : زرعت الحقول لا يكون (٤) حقلا. ومثل : ما تركت الكتب ليس كتابا ، أو لا يكون كتابا ...
وحكم المستثنى بهما وجوب النصب ، باعتباره خبرا لهما ، لأنهما ناسخان جامدان ، من أخوات : «كان» (٥). أما الاسم فضمير مستتر وجوبا تقديره : هو ؛ يعود على «بعض» مفهوم من «كل» يرشد إليه السياق ، ويدل عليه المقام ضمنا (٦) ؛
__________________
(١ و ١) إذا كانت أداة الاستثناء فعلا ـ خالصا ، أو غير خالص ـ وجب أن يكون جامدا ، وأن يكون الكلام تاما متصلا ؛ موجبا أو غير موجب ؛ فلا تصلح الفعلية للاستثناء المنقطع ، ولا المفرغ ـ كما سيجىء هنا ـ (وقد نص «الصبان ، والخضرى» على هذا عند الكلام على الاستثناء بالأدوات الفعلية ، وكذلك صاحب «المفصل» ص ٧٧ ج ٢) وسبقت الإشارة له فى رقم ١ من هامش ص ٢٩٤.
(٢) أحكامهما الخاصة بالنّسخ مدونة فى باب «النواسخ» ح ١ م ٤٢.
(٣) الفعل هنا مضارع زمنه للحال ، أو للاستقبال ؛ فيبدو غريبا متناقضا مع الفعل الماضى قبله فى هذا المثال أو ما يشبهه. وقد قالوا إن المراد : لا تعد ولا تحسب حقلا ؛ فلا منافاة بين زمن المضارع والماضى على هذا التفسير. ومثل هذا يقال فى الفعل : «ليس» إذا سبقه الماضى الصريح ، مع أن «ليس» لنفى المعنى فى الزمن الحالى ، أو يقال : إنه لنفى المعنى فى الزمن الحالى عند عدم قرينة تعينه للماضى ـ كالتى هنا ـ أو تعينه للمستقبل ؛ على الوجه المبين فى مكانه المناسب ج ١ ص ٤١١ م ٤٢ باب «كان» وأخواتها.
(٤) إذا كان المستثنى ضميرا منصوبا وجب فصله ؛ نحو : الرجل قام القوم ليس إياه ، أو لا يكون إياه ، لما تقدم (فى ج ١ م ٢٠ باب الضمير) من أن «ليس ولا يكون» فعلين للاستثناء ، ناسخين أيضا ؛ فلا يجوز : «ليسه ولا يكونه» كما لا يجوز : «إلاه» ، فكما لا يقع الضمير المتصل بعد «إلا» ـ لا يقع بعد ما هو بمعناها. ـ لكن انظر رقم ٤ من هامش ص ٣٣٣ ـ.
(٥) الكلام على مرجع الضمير فى ج ١ ص ١٨١ م ١٩.